الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                النوع الثاني : الهبة

                                                                                                                وأذكر منها خمس مسائل دورية ، في كل واحدة دور

                                                                                                                الأولى : قال التونسي : إن وهب مريض لمريض ضيعة لا مال له غيرها ، ثم وهبها الموهوب في مرضه للواهب ، ولا مال له غيرها ، فالجائز الثلث ، قال ابن القاسم : تقسم من تسعة ، ثلاثة للموهوب له أولا ، وهو ثلثها ، يرد منها واحد للموهوب له ثانيا ; لأنه ثلث الثلاثة ، وهذا السهم يلزم منه الدور ; لأنك إذا أعطيته لورثة الأول كثر ثلثه ، ويرجع عليهم ورثة الثاني في ثلثه كمال مجرد ; لأن هبة البتل تدخل فيما علم وما لم يعلم ، ثم يقوم عليهم ورثة الأول في ثلث ثلثه فيدور هكذا أبدا ، ولما كان كذلك سقط من الورثتين ، ويكون المال ثمانية ، ستة لورثة الأول واثنان لورثة الثاني ، وهذا كلام التونسي .

                                                                                                                وطريق الجبر أن تقول : صحت الهبة من الأول في شيء من العبد فبقي عبد إلا شيئا ، وصحت هبة الثاني في ثلث ذلك الشيء ، فيرجع إلى الأول ثلث شيء فيحصل معه عبد إلا ثلثي شيء ، وذلك يعدل ضعف ما صحت الهبة الأولى فيه ، وهو شيء ، وضعفه شيئان ، فيجبر العبد بثلثي شيء ، وتزيد على عديله ثلثي [ ص: 209 ] شيء ، فيصير عبدا كاملا قبالة شيئين ، وثلثي شيء ، فتبسطها أثلاثا ، وتقلب وتحول ، فالعبد ثمانية ، والشيء ثلاثة ، فقد وقعت الهبة في ثلاثة أثمان العبد أولا ، وبطلت في خمسة أثمانه ، وتصح الهبة الثانية في ثلث ثلاثة الأثمان ، وهو ثمن واحد فيجتمع مع ورثة الأول ستة أثمان ، وهو ضعف ما صحت هبته فيه ، وللمريض الثاني ثمنان ، وصحت هبته في ثمن ، فاعتدل البرهان ثلثا وثلثين .

                                                                                                                طريقة الدينار ، والدرهم : تجعل العبد دينارا ودرهما ، وتجبر الهبة في درهم منه ، وترجع بهبة الثاني ثلث درهم ، فيحصل مع الأول دينار وثلث درهم يعدل درهمين ، فتطرح ثلث درهم بثلث يبقى دينار يعدل درهما وثلثي درهم ، فتبسطها أثلاثا فيصير الدينار ثلاثة والدرهم والثلثان خمسة ، فتقلب العبارة وتجعل الدينار خمسة والدرهم في الوضع الأول ثلاثة ، وقد صحت الهبة في درهم وهو ثلاثة من ثمانية ، ويعود العمل إلى ما تقدم ، وسر الباب أنا لا نعبر عما صحت الهبة الأولى فيه إلا بالشيء المبهم ، ونعبر عما صحت الهبة الثانية فيه بالثلث ، والسبب فيه أنه قد يدور للواهب شيء بعد هبته ، وجهل مقدار منزعه إلى أن يثبته الجبر .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية