الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت جواز أخذ السخلة من السخال فقد قال الشافعي : فجاء المصدق وهو أربعون جديا أو بهمة ، أو بين جدي وبهمة أو كان هذا في إبل ، فجاء المصدق وهي فصال ، أو في بقر وهي عجول ، أخذ من كل صنف من هذا ، فهذا قول الشافعي ونصه ، ولم يختلف أصحابه أن محل الغنم يؤخذ منها سخلة ، ولم يكلف عنها كبيرة ، فلو كان ماله أربعين سخلة من نتاج يومها وحال حولها أخذت زكاتها سخلة منها ، ولو كانت مائة وإحدى وعشرين أخذت زكاتها سخلتان منها ، فأما الإبل إذا كانت فصالا والبقر إذا كانت عجولا ، ففيه لأصحابنا ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                            أحدها : وهو ظاهر نصه أنها كالغنم ، فيؤخذ من خمسة وعشرين فصيلا فصيل ، ومن ستة وثلاثين فصيلا فصيل ، ومن ستة وأربعين فصيلا فصيل ، ومن أحد وستين فصيلا فصيل ، ومن ست وسبعين فصيلا فصيلان ، ويؤخذ من ثلاثين عجلا عجل ، ومن أربعين عجلا عجل ، ومن ستين عجلا عجلان ، ومن سبعين عجلا عجلان ، ثم هكذا فيما زاد ونقص قياسا على الغنم .

                                                                                                                                            [ ص: 123 ] والوجه الثاني : وهو قول أبي العباس بن سريج وأبي إسحاق المروزي : أن حكم الإبل والبقر مخالف لحكم الغنم ، فلا يؤخذ من فصلان الإبل وعجول البقر فصيل ولا عجل بحال ، بل يؤخذ منها السن الواجب لقيمة ماله ، مثال ذلك : أن يكون معه خمس وعشرون بعيرا ، فالواجب فيها بنت مخاض فيقال : لو كانت كبارا وكانت قيمتها مائة دينار لوجب فيها بنت مخاض قيمتها خمسة دنانير ، وذلك نصف عشر المال فوجب إذا كانت فصالا قيمتها عشرون دينارا أن يؤخذ منها بنت مخاض قيمتها دينار ، لتكون الزكاة بقدر نصف عشر المال ، ثم كذلك البقر ، وفرقوا بين الغنم وبين الإبل والبقر ، بفرقين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن أسنان فرائض الإبل والبقر منصوص عليه فلم يجز تركه لمخالفة النص ، وأسنان فرائض الغنم لم يرد النص به ، كوروده في الإبل والبقر ، فجاز تركه عند فقده .

                                                                                                                                            والفرق الثاني : وهو العمدة : أن فرائض الإبل والبقر تتغير بزيادة السن ، وفرائض الغنم تتغير بزيادة العدد ، فلم يجز أن يؤخذ من صغار الإبل صغير ؛ لأن فيه تسوية بين قليل المال وكثيره ، وجاز أن يؤخذ من صغار الغنم صغير ، لأنه لا يستوي فرض قليل المال وكثيره ، وتأولوا قول الشافعي على ما تمهد من أصوله وتقرر من مذهبه .

                                                                                                                                            والوجه الثالث : وهو ضعيف : أن ما كان من الإبل يتغير فرضها بزيادة العدد لا بزيادة السن فهي كالغنم يؤخذ من صغارها صغير كالستة والسبعين والإحدى والتسعين ، وما كان منها يتغير فرضها بزيادة السن لا بزيادة العدد لم يؤخذ منها صغير ، كالستة والثلاثين والستة والأربعين ، ومنها مذهب لا يتحصل لوضوح فساده من الاعتبار والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية