الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وإن كانت عليه شهادة فعليه أن يجيب ، فإن فعل خرج من اعتكافه " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذه المسألة ونظائرها مصورة في اعتكاف وجب متتابعا ، فإذا اعتكف الشاهد ، ثم دعي لإقامة الشهادة فله حالان :

                                                                                                                                            أحدهما : أن لا يتعين عليه إقامتها لوجود غيره من الشهود فهذا ممنوع من الخروج ، فإن خرج بطل اعتكافه ولزمه استئنافه .

                                                                                                                                            والحالة الثانية : أن يتعين عليه إقامة الشهادة لعدم غيره من الشهود ، فهذا مأمور بالخروج ، لإقامتها لقوله تعالى : وأقيموا الشهادة لله [ الطلاق : 12 ] فإذا خرج لم يخل حاله من أحد أمرين ، إما أن يكون قد تحمل الشهادة مضطرا ، أو مختارا ، فإن تحملها مختارا بطل اعتكافه بخروجه ؛ لأن في اختياره للتحمل اختيارا للخروج وقت الأداء وإن تحملها مضطرا لعدم غيره لم يبطل اعتكافه بخروجه فإذا أعاد بنى عليه ؛ لأنه خرج لأمر تعين عليه في الطرفين ، بلا اختيار منه ، فصار كالخارج للغائط والبول ، وقال أصحابنا البصريون فيها وجهان :

                                                                                                                                            [ ص: 497 ] أحدهما : اعتكافه جائز لما ذكرنا .

                                                                                                                                            والثاني : باطل ؛ لأنه وإن تعين عليه الأداء ، فليس يتعين عليه الخروج ؛ لأن القاضي قد يجيء إليه ويسمع شهادته .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية