الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما إن أخرجه السلطان من عتكافه ، فله ثلاثة أحوال :

                                                                                                                                            أحدها : أن يكون السلطان له ظالما ، وهو في الخروج مظلوم فلا يبطل اعتكافه بخروجه ، فإذا أطلق عاد وبنى على اعتكافه ؛ لأنه مكره .

                                                                                                                                            والحالة الثانية : أن يكون السلطان محقا في إخراجه ، وهو الظالم لامتناعه من حق واجب عليه مع القدرة على أدائه ، فقد بطل اعتكافه ؛ لأنه خرج باختياره .

                                                                                                                                            والحال الثالثة : أن يكون السلطان محقا في إخراجه ، وهو غير ظالم ولا ممتنع من حق ، وإنما أخرج لإقامة حد وجب عليه من قطع أو جلد أو غيره ، فلا يبطل اعتكافه ، لذلك ؛ لأن الخروج منه بغير اختياره ، فإن قيل : فإذا فعل ما يوجب الحد ، فقد صار مختارا للخروج ، فقد وجب أن يبطل اعتكافه ، إذا أخرج لإقامة الحد عليه ، قيل : لم يفعل ما وجب به الحد لإقامة الحد عليه ، وإنما فعله للاستمتاع به ، واستعادة الملك لسرقته ، فصار كالمعتدة تبني على اعتكافها ، وإن فعلت النكاح باختيارها لأنها لم تقصد بالنكاح وجوب العدة ، وإنما قصدت به اكتساب المهر والنفقة ، ومتى قلنا أن اعتكافه لا يبطل بخروجه فعليه المبادرة إليه بعد فراغه ، فإن وقف بعد فراغه شيئا ، وإن قل بطل اعتكافه .

                                                                                                                                            [ ص: 498 ]

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية