الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( ويقسم ) الزوج ( لمن سافر بها ) من زوجاته ( بقرعة إذا قدم ) من سفره ( ولا يحتسب عليها بمدة السفر ) لحديث عائشة السابق ولم تذكر قضاء ولأن المسافرة اختصت بمشقة السفر ( وإن كان ) السفر بها ( بغير قرعة لزمه القضاء مدة غيبته ) ، لأنه خص بعضهن بمدة على وجه تلحقه التهمة فيه فلزمه القضاء كما لو كان حاضرا ( ما لم تكن الضرة رضيت بسفرها ) أي سفر [ ص: 202 ] ضرتها معه قال في المبدع : وينبغي أن يقضى منها ما أقام معها لمبيت ونحوه ( ويقضي ) من سافر بإحدى زوجاته ( مع قرعة ما تعقبه السفر ) أي ما أقام عند انتهاء مسيره في السفر ( أو ) ما ( تخلله ) أي السفر من ( مدة إقامة وإن قلت ) لتساكنهما في ذلك لا زمن سيره وحله وترحاله لأن ذلك لا يسمى سكنا فلا يجب قضاؤه كما لو كانا منفردين .

                                                                                                                      ( وإذا ) أراد السفر وأقرع بين نسائه و ( خرجت القرعة لإحداهن لم يجب عليه السفر بها وله تركها والسفر وحده ) لأن القرعة لا توجب وإنما تعين من استحق التقديم و ( لا ) يجوز له السفر ( ب ) إحدى زوجاته ( غير من خرجت لها القرعة ) لأنه جور ( وإن وهبت ) من خرجت لها القرعة ( حقها من ذلك ) أي من السفر معه لإحدى ضراتها ( جاز ) لها ( إذا رضي الزوج ) لأن الحق لا يعدوهما ( وإن وهبته ) أي وهبت من خرج لها القرعة حقها من السفر معه ( للزوج أو ) وهبته لضرائرها ( الجميع أو امتنعت ) من خرجت لها القرعة ( من السفر سقط حقها ) لإعراضها عنه باختيارها ( إذا رضي الزوج ) بما صنعته من الهبة أو الامتناع ( واستأنف القرعة بين البواقي ) مع ضراتها إن لم يرضين معه بواحدة .

                                                                                                                      ( وإن أبى ) ما صنعته من الهبة أو الامتناع ( فله إكراهها على السفر معه ) لأنه حق له فأجبرت عليه كسائر حقوقه ( والسفر الطويل والقصير سواء ) فيما تقدم .

                                                                                                                      وقال في المبدع : وظاهره لا يشترط كونه مباحا بل يشترط كونه مرخصا ( ومتى سافر بإحداهن بقرعة إلى مكان كالقدس مثلا ثم بدا له ) السفر ( إلى مصر ) مثلا ( فله استصحابها معه ) إليها لأن ذلك إتمام لسفره الأول وليس ثم من لها حق معها أشبهت المنفردة ( وإذا سافر بزوجتين ) فأكثر ( بقرعة أوى إلى كل واحدة ليلة ) بيومها ( في رحلها من خيمة أو خركاة أو خباء شعر فهو ) أي رحلها ( كبيت المقيمة ) فيما ذكر ( وإن كانتا جميعا في رحلة فلا قسم إلا في الفراش ) كما لو كانت معه في بيت واحد برضاها ( فلا يحل ) له ( أن يخص فراش واحدة ) منهما ( بالبيتوتة فيه دون فراش الأخرى ) لأنه ميل .

                                                                                                                      ( ويحرم ) على من تحته أكثر من زوجة ( دخوله في ليلتها ) أي ليلة إحدى الزوجات ( إلى غيرها ) لأنه ترك الواجب عليه ( إلا لضرورة مثل أن تكون ) غير ذات الليلة ( منزولا بها ) أي محتضرة فيريد أن يحضرها ( أو توصي إليه أو ما لا بد منه ) عرفا لأن ذلك حال ضرورة فأبيح به ترك الواجب لإمكان قضائه في وقت آخر ( فإن لم يلبث عندها لم [ ص: 203 ] يقض شيئا ) لأنه لا فائدة فيه لقلته ( وإن لبث ) عندها ( أو جامع لزمه أن يقضي لها مثل ذلك من حق الأخرى ) لأن التسوية واجبة ولا تحصل إلا بذلك ( ولو قبل ) التي دخل إليها في غير ليلتها ( أو باشر ) ها ( أو نحوه ) كما لو نظر إليها بشهوة ( لم يقض ) ذلك لذات الليلة لقول عائشة { كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدخل علي في يوم غيري فينال مني كل شيء إلا الجماع } .

                                                                                                                      ( والعدل القضاء ) لتحصل التسوية بينهن ( وكذا يحرم دخوله نهارا إلى غيرها إلا لحاجة ) قال في المغني والشرح : كدفع نفقة وعيادة أو سؤال عن أمر يحتاج إلى معرفته أو زيارتها لبعد عهده بها ( ويجوز أن يقضي ليلة صيف عن ليلة شتاء ) لأنه قضى ليلة عن ليلة .

                                                                                                                      ( و ) يجوز أيضا أن يقضي ( أول الليل عن آخره وعكسه ) بأن يقضي ليلة شتاء عن ليلة صيف وآخر ليل عن أوله لأنه قضى بقدر ما فاته .

                                                                                                                      وفي الشرح والمبدع يستحب أن يقضي لها في مثل ذلك الوقت لأنه أبلغ في المماثلة ( والأولى أن يكون لكل واحدة من نسائه مسكن يأتيها فيه ) لفعله - صلى الله عليه وسلم - ولأنه صون لهن وأستر ، حتى لا يخرجن من بيوتهن .

                                                                                                                      ( فإن اتخذ ) الزوج لنفسه ( مسكنا ) غير مساكن زوجاته ( يدعو إليه كل واحدة في ليلتها ويومها ويخليه من ضرتها جاز ) له ذلك لأن له نقل زوجته حيث شاء بمسكن يليق بها ( وله دعاء البعض إلى مسكنه ويأتي البعض ) لأن له أن يسكن كل واحدة منهن حيث شاء ( وإن امتنعت من دعاها عن إجابته ) وكان ما دعاها إليه مسكن مثلها ( سقط حقها من القسم ) لنشوزها ( وإن أقام عند واحدة ) من زوجاته ( ودعا الباقيات إلى بيتها لم يجب عليهن الإجابة ) لما بينهن من الغيرة والاجتماع يزيدها .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية