الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ويراد بالتسلسل معنى ثالث، وهو أن فاعليته للحادث المعين، لا تحصل حتى يحصل تمام المؤثر لهذا الحادث المعين، فيلزم تسلسل الحوادث في الواحد، وهذا ممتنع أيضا باتفاق العقلاء. [ ص: 240 ]

فهذا تسلسل في تمام تأثير المعنى، وذاك في أصل التأثير وكلاهما ممتنع باتفاق العقلاء.

فتبين أن حججهم الهائلة، التي أرعبت قلوب النظار، ليس فيها ما يدل على قدم شيء من العالم ألبتة. فقولهم بقدم شيء من العالم: الأفلاك أو غيرها، قول بلا حجة أصلا، بل هو قول باطل، كما بين في موضع آخر.

نعم هذه الحجج إنما أرعبت قلوب أهل الكلام المبتدع المحدث في الإسلام، الذي هو كلام الجهمية والقدرية، ومن سلك سبيلهم من الأشعرية والكرامية، ومن تبعهم أو قلدهم من المتفقهة وغيرهم، فما ذكره الفلاسفة إنما يبطل قول هؤلاء، الذين زعموا أن الرب لم يزل معطلا عن أن يفعل بمشيئته أو يتكلم بمشيئته ثم يفعل أو يتكلم بمشيئته من غير حدوث شيء.

وهذا القول مما اتفق سلف الأمة وأئمتها على بطلانه. فإذا: ليس معهم حجة عقلية تناقض نصوص الكتاب والسنة، بل ولا مذهب السلف والأئمة، وهو المطلوب.

التالي السابق


الخدمات العلمية