الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            15211 وعن أنس أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أتى أبا بكر - رحمة الله عليه - فقال : يا أبا بكر ، ما يمنعك أن تزوج فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : لا يزوجني ، قال : إذا لم يزوجك فمن يزوج ; وإنك من أكرم الناس عليه ، وأقدمهم في الإسلام ؟ قال : فانطلق أبو بكر - رحمة الله عليه - إلى بيت عائشة - رضي الله عنها - فقال : يا عائشة ، إذا رأيت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طيب نفس وإقبالا عليك فاذكري له أني ذكرت فاطمة ; فلعل الله - عز وجل - أن ييسرها لي . قال : فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرأت منه طيب نفس وإقبالا ، فقالت : يا رسول الله ، إن أبا بكر ذكر فاطمة ، وأمرني أن أذكرها . قال : " حتى ينزل القضاء " . قال : فرجع إليها أبو بكر ، فقالت : يا أبتاه ، وددت أني لم أذكر له الذي ذكرت . فلقي أبو بكر عمر ، فذكر أبو بكر لعمر ما أخبرته عائشة ، فانطلق عمر إلى حفصة ، فقال : يا حفصة إذا رأيت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إقبالا - يعني عليك - فاذكريني له واذكري فاطمة ; لعل الله أن ييسرها لي . قال : فلقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حفصة ، فرأت طيب نفس ورأت منه إقبالا ، فذكرت له فاطمة - رضي الله عنها - فقال : " حتى ينزل القضاء " . فلقي عمر حفصة ، فقالت له : يا أبتاه ، وددت أني لم أكن ذكرت له شيئا . فانطلق عمر - رضي الله عنه - إلى علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فقال : ما يمنعك من فاطمة ؟ فقال : أخشى أن لا يزوجني قال : فإن لم يزوجك فمن يزوج ; وأنت أقرب خلق الله إليه ؟ فانطلق علي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يكن له مثل عائشة ولا مثل حفصة ، قال : فلقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : إني أريد أن أتزوج فاطمة قال : " فافعل " . قال : ما عندي إلا درعي الحطمية . قال : " فاجمع ما قدرت عليه وائتني به " . قال : فأتى باثنتي عشرة أوقية أربع مائة وثمانين ، فأتى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فزوجه فاطمة - رضي الله عنها - فقبض ثلاث قبضات ، فدفعها إلى أم أيمن ، فقال : " اجعلي منها قبضة في الطيب " . أحسبه قال : " والباقي فيما يصلح المرأة من المتاع " . [ ص: 207 ] فلما فرغت من الجهاز وأدخلتهم بيتا قال : " يا علي ، لا تحدثن إلى أهلك شيئا حتى آتيك " . فأتاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا فاطمة متقنعة ، وعلي قاعد ، وأم أيمن في البيت ، فقال : " يا أم أيمن ، ائتني بقدح من ماء " . فأتته بقعب فيه ماء ، فشرب منه ، ثم مج فيه ، ثم ناوله فاطمة فشربت ، وأخذ منه فضرب جبينها وبين كتفيها وصدرها ، ثم دفعه إلى علي ، فقال : " يا علي اشرب " . ثم أخذ منه فضرب به جبينه وبين كتفيه ، ثم قال : " أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس ، وطهرهم تطهيرا " . فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأم أيمن ، وقال : " يا علي أهلك " .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية