الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3108 87 - حدثنا عبدان ، عن أبي حمزة ، عن الأعمش ، عن عدي بن ثابت ، عن سليمان بن صرد ، قال : كنت جالسا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ورجلان يستبان ، فأحدهما احمر وجهه وانتفخت أوداجه ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : إني لأعلم كلمة لو قالها ذهب عنه ما يجد ، لو قال : أعوذ بالله من الشيطان ذهب عنه ما يجد ، فقالوا له : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : تعوذ بالله من الشيطان ، فقال : وهل بي جنون .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة ، وعبدان تكرر ذكره ، وأبو حمزة بالحاء المهملة والزاي اسمه محمد بن ميمون السكري المروزي ، والأعمش سليمان وسليمان بن صرد بضم الصاد المهملة وفتح الراء وفي آخره دال مهملة الخزاعي ، وقد مر في الغسل ، والحديث أخرجه البخاري أيضا في الأدب عن عمر بن حفص وعن عثمان بن أبي شيبة . وأخرجه مسلم في الأدب عن يحيى بن يحيى وأبي كريب وعن نصر بن علي وعن أبي بكر بن أبي شيبة . وأخرجه أبو داود فيه عن أبي بكر بن أبي شيبة . وأخرجه النسائي في اليوم والليلة عن هناد وعن محمد بن عبد العزيز . قوله : " يستبان " أي يتشاتمان . قوله : " أوداجه " جمع ودج بفتحتين وهو عرق في الحلق في المذبح وانتفاخ الأوداج كناية عن شدة الغضب .

                                                                                                                                                                                  ( فإن قلت ) : لكل أحد ودجان وهنا ذكر الأوداج بالجمع ، قلت : هذا من قبيل قوله تعالى : وكنا لحكمهم شاهدين أو لأن كل قطعة من الودج يسمى ودجا كما جاء في الحديث أزج الحواجب . قوله : " ما يجد " من وجد يجد وجدا وموجدة إذا غضب ، ووجد يجد وجدانا : إذا لقي ما يطلبه .

                                                                                                                                                                                  قوله : " هل بي جنون " قال النووي رحمه الله تعالى : هذا كلام من لم يتفقه في دين الله ولم يتهذب بأنوار الشريعة المكرمة ، وتوهم أن الاستعاذة مختصة بالمجانين ، ولم يعلم أن الغضب من نزغات الشيطان ، ويحتمل أنه كان من المنافقين أو من جفاة الأعراب ، انتهى .

                                                                                                                                                                                  والاستعاذة من الشيطان تذهب الغضب ، وهو أقوى السلاح على دفع كيده ، وفي حديث عطية " الغضب من الشيطان ، فإن الشيطان خلق من النار ، وإنما تطفأ النار بالماء ، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ " .

                                                                                                                                                                                  وعن أبي الدرداء " أقرب ما يكون العبد من غضب الله إذا غضب " .

                                                                                                                                                                                  وقال بكر بن عبد الله : " أطفئوا نار الغضب بذكر نار جهنم " ، وفي بعض الكتب قال الله تعالى : " ابن آدم اذكرني إذا غضبت أذكرك إذا غضبت " ، وروى الجوزي في ترغيبه عن معاوية بن قرة ، قال : قال إبليس : أنا جمرة في جوف ابن آدم إذا غضب حميته ، وإذا رضي منيته .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية