الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3143 120 - حدثنا الحسن بن الصباح ، حدثنا إسحاق الأزرق ، حدثنا عوف ، عن الحسن وابن سيرين ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : غفر لامرأة مومسة مرت بكلب على رأس ركي يلهث ، قال : كاد يقتله العطش ، فنزعت خفها فأوثقته بخمارها ، فنزعت له من الماء فغفر لها بذلك .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  لا تتأتى المطابقة هنا إلا بينه وبين الترجمة المتقدمة ، وليس له مطابقة بهذه الترجمة أصلا ، وقد ذكرنا أن هذه الترجمة ساقطة عند غير أبي ذر ، والحسن بن الصباح بتشديد الباء البزار أبو علي الواسطي ، وإسحاق بن يوسف الأزرق الواسطي ، وعوف المشهور بالأعرابي ، والحسن البصري ، ومحمد بن سيرين .

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه البخاري أيضا في الإيمان عن أحمد بن عبد الله المنجوفي ، وأخرجه النسائي فيه ، عن عبد الرحمن بن محمد بن سلام ، وفي الجنائز عن محمد بن بشار ، وقال صاحب التوضيح : هذا الحديث سلف في الشرب من حديث أبي هريرة أن رجلا فعل ذلك ، وكذا ذكره في الطهارة في باب الماء الذي يغسل به شعر الإنسان ، فلعلهما قضيتان .

                                                                                                                                                                                  ( قلت ) : هذا الحديث في المرأة المومسة ، والحديثان المذكوران في البابين المذكورين في الرجل روى كليهما أبو صالح ، عن أبي هريرة ، وكل منهما حديث مستقل بذاته ، فلا وجه لقوله : هذا الحديث سلف ، ولا لقوله : لعلهما قضيتان ، بل هما قضيتان قطعا ، فإن نظرنا إلى الظاهر فهي ثلاثة قضايا .

                                                                                                                                                                                  قوله : مومسة : أي زانية ، ويجمع على مومسات وميامس وموامس ، وأصحاب الحديث يقولون : مياميس ، ولا يصح إلا على إشباع الكسرة لتصير ياء ، وقد اختلف في أصل هذه اللفظة ، فبعضهم يجعله من الهمزة ، وبعضهم يجعله من الواو ، وقال ابن الأثير : كل منهما تكلف له اشتقاقا فيه بعد فذكرناها في حرف الميم ; لظاهر لفظها ولاختلافهم في أصلها ، قلت : قال في باب الميم : مومس ، ثم ذكر ما ذكرناه ، وقال ابن قرقول : المياميس والمومسات المجاهرات بالفجور ، والواحدة مومسة ، وذكره أصحاب العربية في [ ص: 202 ] الواو والميم والسين ، ورواه ابن الوليد ، عن ابن السماك المآميس بالهمزة ، فإن صح بالهمز فهو من مأس الرجل إذا لم يلتفت إلى موعظة ، ومأس بين القوم أفسد ، انتهى .

                                                                                                                                                                                  ( قلت ) : إذا كان لفظ مومسة من مأس يأتي اسم الفاعل المؤنث مائسة ، ولا يأتي من هذا الباب مومسة ، والذي يظهر لي أنه من مومس مثل وسوس ، والفاعل منه للمذكر مومس ، وللمؤنث مومسة .

                                                                                                                                                                                  قوله : " ركي " بفتح الراء وكسر الكاف وتشديد الياء هو البئر ، ويجمع على ركايا ، قوله : " بذلك " : أي بسبب ما فعلت من السقي .

                                                                                                                                                                                  وفيه دليل على قبول عمل المرتكب للكبائر من المسلمين ، وأن الله تعالى يتجاوز عن الكبيرة بالعمل اليسير من الخير ; تفضلا منه .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية