الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3075 57 - حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي قال: حدثنا فضيل بن سليمان، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ليدخلن من أمتي سبعون ألفا، أو سبعمائة ألف، لا يدخل أولهم حتى يدخل آخرهم، وجوههم على صورة القمر ليلة البدر.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أبو حازم بالحاء المهملة والزاي اسمه سلمة. قوله: " ليدخلن" اللام فيه مفتوحة للتأكيد، وهو أيضا مؤكد بالنون الثقيلة، و"سبعون ألفا" فاعله. قوله: " أو سبعمائة ألف" شك من الراوي، كذا قاله ابن التين، وفي حديث مسلم، عن عمران بن حصين مرفوعا: " يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب" وفي حديث الترمذي ، عن أبي أمامة مرفوعا " وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا لا حساب عليهم ولا عذاب، مع كل ألف سبعون ألفا وثلاث حثيات من حثيات ربي عز وجل ". وقال غريب: وفي حديث البزار من حديث أنس بلفظ: " مع كل واحد من السبعين ألفا سبعون ألفا"، وفي كتاب الشفاعة للقاضي إسماعيل من حديث أنس مرفوعا: " إن الله وعدني أن يدخل الجنة من أمتي أربعمائة ألف" فقال أبو بكر: زدنا، فقال: وهكذا، فقال عمر رضي الله تعالى عنه: حسبك يا أبا بكر، فقال: دعني يا عمر، وما عليك أن يدخلنا الله الجنة كلنا، قال عمر: إن شاء الله أدخل خلقه الجنة بحثية واحدة، فقال - صلى الله عليه وسلم -: صدق عمر.

                                                                                                                                                                                  وروى الكلاباذي من حديث عبد العزيز اليماني، عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: فقدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم، فاتبعته، فإذا هو في مشربة يصلي، فرأيت على رأسه ثلاثة أنوار، فلما قضى صلاته قال: من هذه؟ قلت: عائشة، فقال: هل رأيت الأنوار؟ قلت: نعم، قال: إن آت أتاني من ربي عز وجل فبشرني أن الله تعالى يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا بغير حساب ولا عذاب، ثم أتاني في اليوم الثاني آت من ربي فبشرني أن الله تعالى يدخل من أمتي مكان كل واحد من السبعين ألفا سبعين ألفا بغير حساب ولا عذاب، ثم أتاني في اليوم الثالث [ ص: 157 ] آت من ربي، فبشرني أن الله تعالى يدخل من أمتي مكان كل واحد من السبعين ألفا المضاعفة سبعين ألفا بغير حساب ولا عذاب، فقلت: يا ربي لا تبلغ هذا أمتي، قال: يكملون من الأعراب ممن لا يصوم ولا يصلي، ثم قال الكلاباذي: اختلف الناس في الأمة من هم؟ فقال قوم: أهل الملة، وقال آخرون: كل مبعوث إليه ولزمته الحجة بالدعوة، وهؤلاء يختلف أحوالهم؛ فمنهم من بعث إليه ودعي فلم يجب، كأهل الأديان من أهل الكتاب، وسائر المشركين، فهؤلاء لا يدخلون الجنة أبدا، ومنهم من دعي فأجاب ولم يتبع من جهة استعمال ما لزمه بالإجابة، فهو مؤمن بالإجابة إلى ما دعي إليه من التوحيد والرسالة وإن لم يستعمل ما أمر به تشاغلا عنه وخلاعة وتجوزا، فهؤلاء من أمة الدعوة والإجابة، وليسوا من أمة الاتباع، ومنهم من أجاب إلى ما دعي، واستعمل ما أمر به، فهؤلاء من أمة الدعوة والإجابة والاتباع، وهؤلاء الأعراب يجوز أن يكونوا من أمة محمد - صلى الله تعالى عليه وسلم - من طريق الإجابة إيمانا بالله وبرسوله، ولم يستعملوا ما لزمهم بالإجابة، فهؤلاء ليسوا من أمته على معنى الاتباع، ومعنى يكملون من الأعراب، يعني من هؤلاء الذين آمنوا بالله ورسوله ولم يستعملوا ما لزمهم بالإجابة.

                                                                                                                                                                                  قوله: " لا يدخل أولهم حتى يدخل آخرهم" معناه: لا يدخل آخرهم حتى يدخل أولهم، وإلا لم يدخل الآخر آخرا، فيلزم الدور، وهذا الدور غير ممنوع; لأنه دور معية، والممنوع دور التقدم، والغرض منه أنهم يدخلون كلهم معا صفا واحدا. قوله: " وجوههم كالقمر ليلة البدر" جملة حالية وقعت بلا واو.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية