الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3961 219 - حدثنا عبد الله بن يوسف ، أخبرنا مالك ، عن حميد الطويل ، عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى خيبر ليلا وكان إذا أتى قوما بليل لم يغر بهم حتى يصبح ، فلما أصبح خرجت اليهود بمساحيهم ومكاتلهم ، فلما رأوه قالوا : محمد والله محمد والخميس ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة ، والحديث مضى في الجهاد في باب دعاء النبي صلى الله تعالى عليه وسلم إلى الإسلام ; فإنه أخرجه هناك عن عبد الله بن مسلمة عن مالك ... إلى آخره ، قوله : عن أنس ، وفي رواية أبي إسحاق الفزاري عن حميد : سمعت أنسا كما تقدم في الجهاد .

                                                                                                                                                                                  قوله : " أتى خيبر ليلا " أي في الليل ، ومعناه قرب منها ، وقال ابن إسحاق : إنه نزل بواد يقال له : الرجيع بينهم وبين غطفان لئلا يمدوهم ، وكانوا حلفاءهم ، قال : فبلغني أن غطفان تجهزوا وقصدوا خيبر ، فسمعوا حسا خلفهم ، فظنوا أن المسلمين خلفوهم في ذراريهم ، فرجعوا فأقاموا ، وخذلوا أهل خيبر ، قوله : " لم يغر بهم " بضم الياء وكسر الغين المعجمة من الإغارة هكذا رواية الأكثرين ، وفي رواية أبي ذر عن المستملي : " لم يقربهم " بفتح الياء وسكون القاف من القرب ، وتقدم في الجهاد بلفظ لا يغير عليهم ، وفي الأذان من وجه آخر عن حميد بلفظ : كان إذا غزا لم يغز بنا حتى نصبح وننظر ، فإن سمع أذانا كف عنهم ، وإلا أغار . قوله : " خرجت اليهود بمساحيهم " يعني طالبين زرعهم ، وذلك أنهم كانوا يخرجون في كل يوم متسلحين مستعدين ، فلا يرون أحدا ، حتى إذا كانت الليلة التي قدم فيها المسلمون ناموا ، فلم تتحرك لهم دابة ، ولم يصح لهم ديك ، وخرجوا بالمساحي طالبين مزارعهم ، فوجدوا المسلمين ، وفي رواية أحمد : " خرجت يهود بمساحيهم إلى زرعهم " ، والمساحي جمع مسحاة ، وهي آلة الحرث ، والمكاتل جمع مكتل ، وهي القفة الكبيرة التي يحول فيها التراب وغيره ، قوله : " محمد " ، أي هذا محمد ، قوله : " والخميس " أي الجيش ، سمي خميسا لأنه خمسة أقسام الميمنة والميسرة والقلب والمقدمة والساقة ، ويجوز في الخميس الرفع والنصب ; فالرفع على العطف ، والنصب على أنه مفعول معه ، قوله : " بساحة قوم " ، الساحة الفضاء ، وأصلها الفضاء بين المنازل ، قوله : " فساء " ، من أفعال الذم ، والمنذرين بفتح الذال المعجمة .

                                                                                                                                                                                  فإن قلت : " كيف قال : خربت خيبر قبل وقوعه ؟

                                                                                                                                                                                  قلت : هذا من جملة معجزاته ، علم بطريق الوحي أنها تخرب ، وقيل : أخذه من لفظ المسحاة ; لأنه من سحوت إذا قشرت ، وفيه أخذ التفاؤل من حيث الاشتقاق .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية