الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3804 ومخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم في دية الرجلين ، وما أرادوا من الغدر برسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  ومخرج بالجر عطف على حديث بني النضير ، أي : وفي بيان خروج النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو مصدر ميمي . قوله : " إليهم " أي : إلى بني النضير . قوله : " في دية الرجلين " كلمة في هنا للتعليل ، أي : كان خروجه إليهم بسبب دية الرجلين ، وذلك كما في قوله تعالى : فذلكن الذي لمتنني فيه وفي الحديث : امرأة دخلت النار في هرة ، وكان الرجلان المذكوران من بني عامر ، قاله ابن إسحاق ، وقال ابن هشام : من بني كلاب ، وذكر أبو عمر أنهما من سليم فخرجا من المدينة ونزلا في ظل فيه عمرو بن أمية الضمري ، وكان معهما عقد وعهد من النبي - صلى الله عليه وسلم - وجوار ، ولم يعلم به عمرو ، وقد سألهما حين نزلا : ممن أنتما ؟ فقالا : من بني عامر ، فأمهلهما حتى إذا ناما عدا عليهما فقتلهما ، ولما قدم عمرو على النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخبره قال : لقد قتلت قتيلين ، لأودينهما ، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بني النضير مستعينا بهم في دية القتيلين ، قال ابن إسحاق : وكان بين بني النضير وبني عامر حلف وعقد ، فقالوا : نعم يا أبا القاسم ، نعينك ، ثم خلا بعضهم ببعض فقالوا : إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذه ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى جنب جدار من بيوتهم قاعد ، فمن رجل يعلو على هذا البيت فيلقي عليه صخرة فيريحنا منه ، فانتدب لذلك عمرو بن جحاش بكسر الجيم وتخفيف الحاء المهملة وبالشين المعجمة ابن كعب ، أحدهم ، فقال : أنا لذلك ، فصعد ليلقي عليه صخرة ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نفر فيهم أبو بكر وعمر وعلي ، وزاد أبو نعيم الزبير وطلحة وسعد بن معاذ وأسيد بن حضير وسعد بن عبادة رضي الله تعالى عنهم ، قال ابن إسحاق : فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخبر من السماء بما أراد القوم ، فقام وخرج راجعا إلى المدينة ، وهذا معنى قوله : " وما أرادوا " أي : وفي بيان ما أراد بنو النضير من الغدر برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وقال ابن سعد : خرج إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستعينهم يوم السبت في شهر ربيع الأول على رأس سبعة وثلاثين شهرا من الهجرة بعد غزوة الرجيع ، وأن ابن جحاش لما هم بما هم به قال سلام بن مشكم : لا تفعلوا ، والله ليخبرن بما هممتم ، وإنه لينقض العهد بيننا وبينه ، وبعث إليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - محمد بن مسلمة أن اخرجوا من بلدي ولا تساكنوني بها ، وقد [ ص: 126 ] هممتم بما هممتم به من الغدر ، وقد أجلتكم عشرا ، فمن رئي بعد ذلك فقد ضربت عنقه ، فمكثوا أياما يتجهزون ، فأرسل إليهم ابن أبي فثبطهم ، فأرسلوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - إنا لا نخرج فاصنع ما بدا لك ، فقال - صلى الله عليه وسلم - : الله أكبر ، حاربت يهود ، فخرج إليهم - صلى الله عليه وسلم - فاعتزلتهم قريظة فلم تعنهم ، وخذلهم ابن أبي وحلفاؤهم من غطفان ، فحاصرهم خمسة عشر يوما ، وقال ابن الطلاع : ثلاثة وعشرين يوما ، وعن عائشة - رضي الله تعالى عنها - : خمسة وعشرين يوما ، وقال ابن سعد : ثم أجلاهم فتحملوا على ستمائة بعير ، وكانت صفيا له حبسا لنوائبه ولم يخمسها ولم يسهم منها لأحد إلا لأبي بكر وعمر وابن عوف وصهيب بن سنان والزبير بن العوام وأبي سلمة بن عبد الأسد وأبي دجانة ، وقال ابن إسحاق : فاحتملوا إلى خيبر وإلى الشام ، وقال : فحدثني عبد الله بن أبي بكر أنهم خلوا الأموال من الخيل والمزارع لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة ، وقال ابن إسحاق : لم يسلم منهم إلا يامين بن عمير وأبو سعيد ابن وهب فأحرزا أموالهما .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية