الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3912 173 - حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا أبو عوانة ، عن حصين ، عن أبي وائل قال : حدثني مسروق بن الأجدع ، قال : حدثتني أم رومان ، وهي أم عائشة رضي الله عنهما قالت : بينا أنا قاعدة أنا وعائشة إذ ولجت امرأة من الأنصار ، فقالت : فعل الله بفلان ، وفعل بفلان ، فقالت أم رومان : وما ذاك ؟ قالت : ابني فيمن حدث الحديث ، قالت : وما ذاك ؟ قالت : كذا وكذا ، قالت عائشة : سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : نعم ، قالت : وأبو بكر ؟ قالت : نعم ، فخرت مغشيا عليها ، فما أفاقت إلا وعليها حمى بنافض ، فطرحت عليها ثيابها ، فغطيتها ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ما شأن هذه ؟ قلت : يا رسول الله أخذتها الحمى بنافض ، قال : فلعل في حديث تحدث به ؟ قالت : نعم ، فقعدت عائشة فقالت : والله لئن حلفت لا تصدقوني ، ولئن قلت لا تعذروني ، مثلي ومثلكم كيعقوب وبنيه والله المستعان على ما تصفون قالت : وانصرف ولم يقل شيئا ، فأنزل الله عذرها قالت : بحمد الله لا بحمد أحد ولا بحمدك .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة من حيث إن له تعلقا بالحديث الطويل السابق ، وأبو عوانة بفتح العين الوضاح بن عبد الله اليشكري ، وحصين بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين ابن عبد الرحمن الواسطي ، وأبو وائل شقيق بن سلمة الأزدي ، وأم رومان بضم الراء وسكون الواو تقدم ذكرها غير مرة ، والحديث مر في أحاديث الأنبياء في باب قوله تعالى : لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين فإنه أخرجه هناك عن محمد بن سلام ، عن ابن فضيل ، عن حصين ... إلى آخره ، وقد مر الكلام فيه هناك ، ولنذكر هنا بعض شيء ، فقوله : حدثتني أم رومان فيه إشكال استشكله الخطيب وآخرون ; لأن أم رومان ماتت في زمن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ، ومسروق ليست له صحبة ; لأنه لم يقدم من اليمن إلا بعد موت النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم في خلافة أبي بكر أو عمر رضي الله تعالى عنهما ، وقال الخطيب أيضا : كان مسروق يرسل هذا الحديث عن أم رومان ، ويقول : سئلت أم رومان ، فوهم حصين فيه ، حيث جعل السائل لها مسروقا أو يكون بعض النقلة كتب : سئلت بالألف ، فصارت سألت ، فقرئت بفتحتين ، قال : على أن بعض الرواة قد رواه عن حصين على الصواب يعني بالعنعنة ، قال : وأخرج البخاري هذا الحديث بناء على ظاهر الاتصال ، ولم تظهر له علته . انتهى . ورد على الخطيب ومن تبعه بوجهين : الأول أن مستندهم في تاريخ وفاة أم رومان عن الواقدي ، فلا يضر ذلك الإسناد الصحيح . الثاني ذكر أبو نعيم الأصبهاني أن أم رومان عاشت بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، ويؤيد هذا ما تقدم في علامات النبوة من حديث عبد الرحمن بن أبي بكر في قصة أضياف أبي بكر ، قال عبد الرحمن : وإنما هو أنا وأبي وأمي [ ص: 211 ] وامرأتي وخادم ، وفي كتاب الأدب عند البخاري : فلما جاء أبو بكر قالت له أمي : " احتبست عن أضيافك " . الحديث ، فهذا يدل على أن وفاة أم رومان تأخرت إلى زمن بعد النبي صلى الله تعالى عليه وسلم . قوله : " إذ ولجت " أي إذ دخلت ، وكلمة إذ جواب قوله : بينا ، قوله : " حمى بنافض " النافض من الحمى ذات الرعدة . قوله : " في حديث تحدث " بضم التاء على صيغة المجهول ، قوله : " لئن حلفت لا تصدقوني على براءتي . قوله : " لا تصدقوني " ، ويروى لا تصدقونني . قوله : " لا تعذروني " أي لا تقبلوا مني العذر . قوله : " وانصرف " أي رسول الله صلى الله عليه وسلم .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية