الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3368 68 - حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد، عن ثابت، عن أنس رضي الله عنه قال: ما مسست حريرا، ولا ديباجا ألين من كف النبي صلى الله عليه وسلم، ولا شممت ريحا قط أو عرفا قط أطيب من ريح أو عرف النبي صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة؛ لأن المذكور فيه من صفاته صلى الله تعالى عليه وسلم، وحماد هو ابن زيد، وفي بعض النسخ وقع هكذا، والحديث من أفراده، وأخرجه مسلم بمعناه من رواية سليمان بن المغيرة، عن ثابت عنه.

                                                                                                                                                                                  قوله: ما مسست، بسينين مهملتين، الأولى مكسورة، ويجوز فتحها، والثانية ساكنة، وكذا الكلام في شممت. قوله: " ولا ديباجا "، وفي المغرب الديباج [ ص: 113 ] الثوب الذي سداه ولحمته إبريسم، وعندهم اسم للمنقش، والجمع دبابيج. (قلت): فعلى هذا يكون عطفه على الحرير من عطف الخاص على العام. قوله: " ألين من كف النبي صلى الله تعالى عليه وسلم "، أي: أنعم. (فإن قلت): هذا يعارضه ما روي من حديث هند بن أبي هالة الذي أخرجه الترمذي في صفة النبي صلى الله عليه وسلم، فإن فيه أنه كان شثن الكفين والقدمين، أي: غليظهما في خشونة. (قلت): قيل: اللين في الجلد، والغلظ في العظام، فيجتمع له نعومة البدن مع القوة، ويؤيده ما رواه الطبراني والبزار من حديث معاذ رضي الله تعالى عنه: أردفني النبي صلى الله عليه وسلم خلفه في سفر فما مسست شيئا قط ألين من جلده صلى الله عليه وسلم. قوله: " أو عرفا "، هو شك من الراوي؛ لأن العرف، بفتح العين، وسكون الراء بعدها فاء، هو الريح أيضا. قوله: " من ريح أو عرف النبي صلى الله عليه وسلم ". وهذا أيضا شك من الراوي، وقوله: " من ريح " بكسر الحاء بلا تنوين؛ لأنه في حكم المضاف تقديره: من ريح النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أو من عرفه. وهذا كما في قول الشاعر:


                                                                                                                                                                                  بين ذراعي وجبهة الأسد

                                                                                                                                                                                  تقديره: بين ذراعي الأسد وجبهته، فقد أدخل بين المضاف والمضاف إليه شيئا، والأصل عدمه. قيل: ووقع في بعض النسخ: أو عرقا، بفتح الراء، وبالقاف، وكلمة " أو" على هذا تكون للتنويع دون الشك، والمعروف من الرواية هي الأولى.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية