الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                45 - المعرف لا يدخل تحت المنكر . قال إن دخل داري هذه أحد أو كلم غلامي هذا أو ابني هذا أو أضاف إلى غيره ، [ ص: 165 ] لا يدخل المالك لتعريفه ، 47 - بخلاف النسبة ، [ ص: 166 ] ولو لم يضف يدخل لتنكيره ، 49 - إلا في الأجزاء كاليد والرأس ، 50 - وإن لم يضف للاتصال

                التالي السابق


                ( 45 ) قوله : المعرف لا يدخل تحت المنكر . أطلق في موضع التقييد وفيه ما فيه وبيانه أن المعرف الذي لا يدخل تحت المنكر هو المعرف بالتعريف الكامل لما بين المعلوم والمجهول من التضاد ، وأما المعرف تعريفا ناقصا فيدخل تحت المنكر لبقاء التنكير من وجه فجانس المنكر من ذلك الوجه .

                ومقتضى كلام المصنف رحمه الله دخول المعرف مطلقا وليس كذا ، فيحتاج إلى الفصل بين التعريف الكامل والناقص ، فالكامل هو الذي ينقطع به الاشتراك بين المعرف وغيره ، وآية ذلك أن يقبح معه ذلك [ ص: 165 ] الاستفهام عنه كالإضافة إلى ياء المتكلم والإشارة وكاف الخطاب والضمائر ، والناقص ما لا ينقطع معه الاشتراك يحسن فيه الاستفهام كالتعريف باسم العلم والنسبة فإن غير المعرف يشارك في اسمه ونسبه فصار معرفا من وجه دون وجه فلا يكون في حكم المعرف من كل وجه .

                وذلك أصل في اللغة العربية ، فإن المعرفتين اللتين أحديهما أعرف يغلب الأعرف منهما ، ألا ترى أن تقول أنا وأنت قمنا فتغلب ضمير المتكلم لكونه أعرف وكذا أنت وهو قيمتها فتغلب ضمير المخاطب أعرف ويجوز أن يعترض على هذا التقدير فيقال : يلزم منه أن يكون اسم الإشارة أعرف من الاسم العلم وأكثر النحاة على عكسه ولهذا جاز نعت العلم باسم الإشارة دون العكس فلا يقال : جاء هذا زيد ويمكن أن يجاب عنه فيقال : إن العلم وإن كان أعرف منه من حيث إن تعريف العلمية لا يفارق المعرف حاضرا كان أو غائبا حيا كان أو ميتا ، بخلاف اسم الإشارة ، لكنه في قطع الاشتراك دون اسم الإشارة ولهذا جعله أبو بكر بن السراج أعرف من العلم ; لأن لتعرفه حظا من العين والقلب . والعلم حظه من القلب خاصة ، وينتقض بما لو قال لامرأته إن دخل داري هذه أحد فأنت طالق ، فدخلت هي طلقت . فقد دخل المعرف تحت النكرة والجواب أن هذا المعرف الذي يدخل تحت المنكر وهو المعرف الواقع في حيز الشرط ، كقوله إن دخل داري هذه أحد فامرأته طالق فدخل الحالف لا يحنث ; لأن التضاد بين المعرف والمنكر إنما يظهر إذا كانا في جهة واحدة . على أنا ندعي أن المعرف في حيز الجزاء حين دخل تحت قوله ( أحد ) لم يكن التنكير الذي دخل تحت النكرة .

                ( 46 ) قوله : لا يدخل المالك لتعريفه . أراد بالمالك المتكلم ; لأن الضمير الذي أضيفت الدار وما عطف عليها راجع إليه ، وهو معرفة ، فلا يدرج تحت لفظ أحد الذي هو نكرة ، وبه يظهر كون هذه المسائل من جزئيات القاعدة المذكورة .

                ( 47 ) قوله : بخلاف النسبة أي بخلاف بالنسبة كما لو قال إن دخل دار محمد بن عبد الله أحد فعبدي حر ، والحالف هو محمد بن عبد الله فدخل يحنث لدخوله تحت النكرة ; لأن التعريف بالنسبة قاصر فلا يزول التنكير من كل وجه ، وقال القاضي أبو حازم [ ص: 166 ] ينبغي أن لا يحنث ; لأن التعريف بالنسبة معتبر كالإضافة ولهذا يصح إقراره لغائب سماه ونسبه .

                قلنا إن التعريف بالنسبة لا تنقطع معه الشركة ولهذا كان للسامع أن يقول : من محمد بن عبد الله ؟ وإنما اكتفى به في الغائب ضرورة تعذر التعريف بغيره ولم يتعذر في حالة الحضور ، فإنه كان يمكنه تعريف نفسه بالإضافة ، فحيث أعرض عنها مع كونها أبلغ وأخصر كان ذلك دليل إرادة دخوله تحت النكرة فيدخل على أنا نمنع صحة الإقرار للغائب بمجرد النسبة ونقول لا بد من قرينة تنضم إليها قاطعة للاشتراك .

                ( 48 ) قوله : ولو لم يضف إلخ أي إلى نفسه ولا إلى غيره بأن قال : إن دخل هذه الدار أحد أو كلم هذا العبد أحد والدار والعبد له أو لغيره ، فدخل الحالف الدار أو كلم العبد يحنث ; لأن المانع من الدخول تحت عموم النكرة هو التعريف ، ولم يوجد فيدخل الحالف تحت عموم النكرة ; لأنه نكرة .

                ( 49 ) قوله : إلا في الأجزاء كاليد إلخ أي إلا في الأجزاء المتصلة سواء أضاف إلى نفسه بأن قال إن قطع يدي هذه أحد أو لم يضف بأن قال إن قطع هذه اليد أحد وأشار إلى يده أو رأسه فإنه لا يدخل تحت النكرة فلا يحنث بفعل نفسه ، أما في الإضافة فظاهر وأما في الإشارة مع قطع الإضافة ; لأن الجزاء لما صار معرفا بالإشارة كان من ضرورته أن يكون كله معرفا ، إذ من المستحيل أن يكون الشخص الواحد بعضه معرفا بالإشارة وبعضه منكرا ، فلهذا ينقطع الاستفهام عند الإشارة

                ( 50 ) قوله : وإن لم يضف للاتصال أي لاتصالها بالحالف بخلاف المنفصل كالدار ونحوها ، حيث لا يتعين المالك بالإشارة إليه ; لأنه لا يلزم من تعريفها تعريف مالكها للانفصال




                الخدمات العلمية