الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( ويوم يقول نادوا شركائي الذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وجعلنا بينهم موبقا ( 52 ) ) .

[ ص: 152 ] قوله تعالى : ( ويوم يقول ) : أي واذكر يوم يقول . ويقرأ بالنون والياء .

و ( بينهم ) : ظرف . وقيل : هو مفعول به ; أي وصيرنا وصلهم إهلاكا لهم .

و ( الموبق ) : مكان ، وإن شئت كان مصدرا ; يقال : وبق يبق وبوقا وموبقا ، ووبق يوبق وبقا .

قال تعالى : ( ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفا ( 53 ) ) .

قوله تعالى : ( مصرفا ) : أي انصرافا .

ويجوز أن يكون مكانا ; أي لم يجدوا مكانا ينصرف إليه عنها . والله أعلم .

قال تعالى : ( ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل وكان الإنسان أكثر شيء جدلا ( 54 ) ) .

قوله تعالى : ( من كل مثل ) : أي ضربنا لهم مثلا من كل جنس من الأمثال ; والمفعول محذوف ; أو يخرج على قول الأخفش أن تكون من زائدة .

( أكثر شيء جدلا ) : فيه وجهان :

أحدهما : أن شيئا هنا في معنى مجادل ; لأن أفعل يضاف إلى ما هو بعض له ، وتمييزه بجدلا يقتضي أن يكون الأكثر مجادلا ، وهذا من وضع العام موضع الخاص .

والثاني : أن في الكلام محذوفا ، تقديره : وكان جدال الإنسان أكثر شيء ، ثم ميزه .

قال تعالى : ( وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربهم إلا أن تأتيهم سنة الأولين أو يأتيهم العذاب قبلا ( 55 ) ) .

قوله تعالى : ( أن يؤمنوا ) : مفعول منع ، و " أن تأتيهم " فاعله ; وفيه حذف مضاف ; أي إلا طلب أو انتظار أن تأتيهم .

قال تعالى : ( وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين ويجادل الذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحق واتخذوا آياتي وما أنذروا هزوا ( 56 ) ) .

قوله تعالى : ( وما أنذروا ) : " ما " بمعنى الذي ، والعائد محذوف ، و " هزوا " : مفعول ثان .

ويجوز أن تكون " ما " مصدرية .

[ ص: 153 ] قال تعالى : ( ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا ( 7 ) ) .

قوله تعالى : ( أن يفقهوه ) : أي كراهية أن يفقهوه .

قال تعالى : ( وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا ( 58 ) ) .

قوله تعالى : ( لو يؤاخذهم ) : مضارع محكي به الحال ; وقيل : هو بمعنى الماضي . والموعد هنا يصلح للمكان والمصدر .

و " الموئل " : مفعل ، من وأل يئل إذا لجأ ، ويصلح لهما أيضا .

قال تعالى : ( وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا ( 59 ) ) .

قوله تعالى : ( وتلك ) : مبتدأ ، و " أهلكناهم " الخبر . ويجوز أن يكون " تلك " في موضع نصب بفعل مقدر يفسره المذكور . و ( لمهلكهم ) : مفعل بضم الميم ، وفتح اللام ، وفيه وجهان :

أحدهما : هو مصدر بمعنى الإهلاك ، مثل المدخل . والثاني : هو مفعول ; أي لمن أهلك ، أو لما أهلك منها .

ويقرأ بفتحهما ; وهو مصدر هلك يهلك .

ويقرأ بفتح الميم وكسر اللام ، وهو مصدر أيضا ; ويجوز أن يكون زمانا ; وهو مضاف إلى الفاعل ; ويجوز أن يكون إلى المفعول على لغة من قال : هلكته أهلكه ، والموعد زمان .

التالي السابق


الخدمات العلمية