الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 322 ] قال تعالى : ( وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله مفعولا ( 37 ) ) .

قوله تعالى : ( والله أحق أن تخشاه ) : قد ذكر مثله في التوبة .

قال تعالى : ( الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا ( 39 ) ) .

قوله تعالى : ( الذين يبلغون ) : هو نعت للذين خلوا . ويجوز أن ينتصب على إضمار أعني ، وأن يرتفع على إضمار " هم " .

قال تعالى : ( ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليما ( 40 ) ) .

قوله تعالى : ( ولكن رسول الله ) : أي ولكن كان رسول الله وكذلك ( وخاتم النبيين ) .

ويقرأ بفتح التاء على معنى المصدر ، كذا ذكر في بعض الأعاريب .

وقال آخرون : هو فعل مثل فاعل بمعنى ختمهم . وقال آخرون : هو اسم بمعنى آخرهم ؛ وقيل : هو بمعنى المختوم به النبيون ، كما يختم بالطابع . وبكسرها : أي آخرهم .

قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا ( 49 ) ) .

قوله تعالى : ( تعتدونها ) : تفتعلونها من العدد ؛ أي تعدونها عليهن ، أو تحسبون بها عليهن . وموضعه جر على اللفظ ، أو رفع على الموضع .

والسراح : اسم للتسريح ، وليس بالمصدر .

قال تعالى : ( يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم لكيلا يكون عليك حرج وكان الله غفورا رحيما ( 50 ) ) .

[ ص: 323 ] قوله تعالى : ( وامرأة مؤمنة ) : في الناصب وجهان ؛ أحدهما : أحللنا في أول الآية ؛ وقد رد هذا قوم وقالوا : أحللنا ماض ، و " إن وهبت " هو صفة للمرأة مستقبل ، و " أحللنا " في موضع جوابه ، وجواب الشرط لا يكون ماضيا في المعنى . وهذا ليس بصحيح ؛ لأن معنى الإحلال هاهنا الإعلام بالحل إذا وقع الفعل على ذلك ، كما تقول : أبحت لك أن تكلم فلانا إن سلم عليك . الوجه الثاني : أن ينتصب بفعل محذوف ؛ أي ونحل لك امرأة .

ويقرأ " أن وهبت " بفتح الهمزة ، وهو بدل من امرأة بدل الاشتمال وقيل : التقدير : لأن وهبت .

و ( خالصة ) : يجوز أن يكون حالا من الضمير في وهبت ، وأن يكون صفة لمصدر محذوف ؛ أي هبة خالصة .

ويجوز أن يكون مصدرا ؛ أي أخلصت ذلك لك إخلاصا . وقد جاءت فاعلة مصدرا مثل العاقبة والعافية .

و ( لكيلا ) : يتعلق بأحللنا .

قال تعالى : ( ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن والله يعلم ما في قلوبكم وكان الله عليما حليما ( 51 ) ) .

( ومن ابتغيت ) : " من " في موضع نصب بابتغيت ، وهي شرطية ، والجواب : " فلا جناح عليك " .

ويجوز أن يكون مبتدأ ، والعائد محذوف ؛ أي والتي ابتغيتها ، والخبر " فلا جناح "

. قوله تعالى : ( كلهن ) : الرفع على توكيد الضمير في ( يرضين ) والنصب على توكيد المنصوب في ( آتيتهن ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية