الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 38 ] قال تعالى : ( يا إبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم آتيهم عذاب غير مردود ( 76 ) ) .

قوله تعالى : ( آتيهم ) هو خبر إن ، و " عذاب " : مرفوع به . وقيل : " عذاب " مبتدأ ، و " آتيهم " خبر مقدم ; وجوز ذلك أن عذابا وإن كان نكرة فقد وصف بقوله : " غير مردود " وأن إضافة اسم الفاعل هاهنا لا تفيده التعريف ; إذ المراد به الاستقبال .

قال تعالى : ( ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب ( 77 ) وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال ياقوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزوني في ضيفي أليس منكم رجل رشيد ( 78 ) ) .

قوله تعالى : ( سيء بهم ) : القائم مقام الفاعل ضمير لوط . و " ذرعا " : تمييز .

و ( يهرعون إليه ) : حال ، والماضي منه أهرع .

( هؤلاء ) : مبتدأ ، و " بناتي " عطف بيان أو بدل ، و " هن " : فصل ، و " أطهر " الخبر . ويجوز أن يكون هن مبتدأ ثانيا ، وأطهر خبره .

ويجوز أن يكون " بناتي " خبرا ، و " هن أطهر " مبتدأ وخبر .

وقرئ في الشاذ " أطهر " - بالنصب ; وفيه وجهان :

أحدهما : أن يكون " بناتي " خبرا ، و " هن " فصلا و " أطهر " حالا .

والثاني : أن يكون " هن " مبتدأ ، و " لكم " خبر ، و " أطهر " حال ، والعامل فيه ما في " هن " من معنى التوكيد بتكرير المعنى . وقيل : العامل " لكم " لما فيه من معنى الاستقرار .

و " الضيف " مصدر في الأصل وصف به ; فلذلك لم يثن ولم يجمع ، وقد جاء مجموعا ; يقال : أضياف ، وضيوف ، وضيفان .

قال تعالى : ( قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد ( 79 ) ) .

قوله تعالى : ( ما نريد ) : يجوز أن يكون " ما " بمعنى الذي ، فتكون نصبا بتعلم ، وهو بمعنى تعرف .

ويجوز أن تكون استفهاما في موضع نصب بنريد . و " علمت " معلقة .

قال تعالى : ( قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد ( 80 ) ) .

قوله تعالى : ( أو آوي ) : يجوز أن يكون مستأنفا ، وأن يكون في موضع رفع خبر " أن " على المعنى ; تقديره : أو أنى آوي .

ويضعف أن يكون معطوفا على قوة ; إذ لو كان كذلك لكان منصوبا بإضمار أن . [ ص: 39 ] وقد قرئ به ، والتقدير : أو أن آوي .

و ( بكم ) حال من " قوة " وليس معمولا لها ، لأنها مصدر .

قال تعالى : ( قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب ( 81 ) ) قوله تعالى : ( فأسر بأهلك ) : يقرأ بقطع الهمزة ووصلها ، وهما لغتان ; يقال : أسرى ، وسرى .

( إلا امرأتك ) : يقرأ بالرفع على أنه بدل من أحد ، والنهي في اللفظ لأحد ، وهو في المعنى للوط ; أي لا تمكن أحدا منهم من الالتفات ، إلا امرأتك .

ويقرأ بالنصب على أنه استثناء من أحد أو من أهل .

قال تعالى : ( فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود ( 82 ) ) .

قوله تعالى : ( جعلنا عاليها ) : مفعول أول ، و " سافلها " ثان .

( من سجيل ) : صفة لحجارة ، و " منضود " نعت لسجيل .

و ( مسومة ) : نعت لحجارة .

و ( عند ) : معمول مسومة ، أو نعت لها .

و ( هي ) : ضمير العقوبة .

و ( بعيد ) : نعت لـ " مكان " محذوف .

ويجوز أن يكون خبر هي ، ولم تؤنث ; لأن العقوبة والعقاب بمعنى ; أي وما العقاب بعيدا من الظالمين .

التالي السابق


الخدمات العلمية