الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال : ) ولو تزوجها على أنها حرة ثم علم بعد ذلك أنها أمة قد أذن المولى لها في النكاح فهي امرأته ، إن شاء أمسك ، وإن شاء طلق ; لأن ظهور رقها نوع عيب ، وقد بينا أن العيب لا يثبت الخيار للزوج غير أن ما ولد له من ولد فيما مضى وما كان في بطنها فهو حر لأجل الغرور ، وعلى الأب قيمة الولد يوم يختصمون ; لأن الولد في يده بصفة الأمانة ما لم يخاصم ، فإنه لا يكون أعلى حالا من ولد المغصوبة ، وولد المغصوبة أمانة ما لم يطالب بالرد ، فكذلك ولد المغرور ، حتى إذا مات قبل الخصومة فلا ضمان على الأب فيه ، ولكنه إنما يصير مانعا للولد بعد الطلب ، وذلك عند الخصومة فلهذا تعتبر قيمته وقت الخصومة ، وهذا إذا تبين أنها أمة أو مدبرة ، وكذلك إذا تبين أنها أم ولد في ظاهر الرواية ، وفي رواية الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى [ ص: 119 ] لا تجب قيمة الولد هنا ; لأن ولد أم الولد كأمه لا قيمة لرقه حتى لا يضمن بالغصب عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى فكذلك بالمنع بعد الطلب ، وجه ظاهر الرواية أن الولد إنما يصير كأمه إذا ثبت فيه حق أمية الولد ، وذلك بعد ثبوت الرق فيه ، وهنا علق الولد حر الأصل فلم يثبت فيه حق أمية الولد ، ولو تبين أنها مكاتبة ففي ظاهر الرواية الجواب كذلك ، وروى الحسن عن أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهم الله تعالى - أنه لا يضمن قيمة الولد هنا ; لأنه لو ضمن إنما يضمن لها ، وهي إنما تسعى لتحصيل الحرية لنفسها وولدها ففي حرية ولدها يحصل بعض مقصودها ، فلا يجب الضمان ، ولأنه لو رجع لرجع عليها بما ضمن ; لأن الغرور كان منها ، فلا يكون مفيدا شيئا ، وجه ظاهر الرواية أن السبب الموجب لضمان قيمة ولد الغرور وقد تقرر هنا ، ورجوعه عليها يكون بعد العتق وهي ستوجب الضمان عليه للحال فكان مفيدا ، وإنما يرجع على الأمة والمدبرة وأم الولد والمكاتبة بقيمة الولد بعد العتق لما بينا أن ضمان الغرور كضمان الكفالة ، وضمان الكفالة في حق هؤلاء مؤخر إلى ما بعد العتق .

التالي السابق


الخدمات العلمية