الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال : ) وإذا زوج ابنته بشهادة ابنيه ثم جحد الزوج النكاح ، وادعاه الأب والمرأة فشهد الابنان بذلك فشهادتهما لا تقبل في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى وعند محمد رحمه الله تعالى تقبل ، ولو كان الزوج هو المدعي ، وجحد الأب والمرأة لذلك فشهادة الابنين فيه تكون مقبولة على أبيهما ، والحاصل أن شهادتهما لأختهما ، وعلى أختهما تكون مقبولة ، وشهادتهما على أبيهما فيما يجحده الأب مقبولة ، فأما إذا شهدا لأبيهما فيما يدعيه إن كان للأب فيه منفعة نحو أن يشهدا بعقد تتعلق الحقوق به لا تقبل شهادتهما .

وإن لم يكن للأب فيه منفعة لا تقبل الشهادة عند أبي يوسف رحمه الله تعالى أيضا ، وعند محمد تقبل ، وأصل المسألة فيما إذا قال لعبده : إن كلمك فلان فأنت حر فشهد ابنا فلان أن أباهما كلم العبد ، فإن كان الأب يجحد ذلك فشهادتهما مقبولة ، وإن كان الأب يدعي ذلك لا تقبل الشهادة عند أبي يوسف رحمه الله تعالى ، وعند محمد رحمه الله تعالى تقبل قال : لأن امتناع قبول شهادة الولد لوالده ; لتمكن تهمة الميل إليه ; وإيثاره بالمنفعة على غيره ، وهذا لا يتحقق فيما لا منفعة للأب فيه فقبلت الشهادة جحدها أو ادعاها وأبو يوسف رحمه الله تعالى يقول : شهادة الولد لوالده لا تكون مقبولة بالنص ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم { لا تقبل شهادة الولد لوالده } ، وإنما تكون شهادة له إذا كان مدعيا بشهادته ، ولا معتبر بالمنفعة فإن جحوده الشهادة يقبل ، وإن كان له فيه منفعة بأن شهدوا عليه ببيع ما يساوي مائة درهم بألف درهم مع أن المنفعة هنا تتحقق فإن ظهور صدقه عند القاضي والناس من جملة المنفعة ، والعاقل يؤثر هذا على كثير من المنافع الدنيوية ثم ذكر في الكتاب ، وقال محمد رحمه الله تعالى : كل شيء للأب فيه منفعة جحد أو ادعى فشهادة ابنيه فيه باطل

[ ص: 35 ] وكذلك كل شيء تولاه مما يكون فيه خصما كالبيع ، وما أشبهه ، والمراد بهذا أن عند دعوى الأب لا تقبل شهادة الابن ; للتهمة ، وعند جحود الأب إن كان الآخر جاحدا أيضا لا تقبل الشهادة ; لعدم الدعوى فأما إذا كان الآخر مدعيا كانت الشهادة مقبولة ، وإن كان للأب فيها منفعة كما إذا شهدوا عليه ببيع ما يساوي مائة درهم بألف درهم ، والمشتري يدعيه ، وهذا لأن هذه منفعة غير مطلوبة من جهة الأب ، والمنفعة التي هي غير مطلوبة لا تؤثر في المنع من قبول الشهادة .

التالي السابق


الخدمات العلمية