الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ومعارضة الرازي لهم بالماهية الممكنة القابلة لوجودها، إذا قيل بتعددهما - معارضة صحيحة، وأما فرق المعارض له بأن الماهية في الواجب فاعلة للوجود فغلط، فإن ماهية الواجب إذا قيل بمغايرتها لوجوده، ليست فاعلة لوجوده، بل هي أيضا قابلة لوجوده كالممكن، لكن وجوده واجب مع هذا القبول.

[والقابل] والمقبول كلاهما واجب بنفسه يمتنع عدمه، بخلاف الممكن، كما تقوله الصفاتية في الذات والصفات، وكما تقوله الفلاسفة فيما يدعون قدم ذاته ووجوده من الممكنات كالفلك، فإن ابن سينا وأتباعه يقولون: إن ماهيته محل لوجوده، وكلاهما قديم يمتنع عدمه، لكن وجوده بغيره، فإذا عقل هذا في الواجب بغيره، ففي الواجب بنفسه أولى، إذا قيل: إن نفسه محل لوجوده، وكلاهما واجب بماهيته ووجوده، يمتنع نفي واحد منهما.

وبهذا يظهر الجواب عن النظم الذي حرره الآمدي، فإن قوله: "إذا لم يتم تحقق مسمى واجب الوجود في كل من الشيئين إلا بما به التخصيص والامتياز، وجب افتقار مسمى واجب الوجود إلى أمر خارج عن المفهوم من اسمه، فلا يكون واجبا بذاته. [ ص: 156 ]

جوابه: على تقدير كون الوجود مغايرا للذات أن يقال: لفظ "الافتقار" يراد به افتقار المعلول إلى العلة، ويراد به: افتقار المشروط إلى الشرط، وإن قيل: يراد به معنى ثالث له، فإن قلت: يجب افتقار مسماه إلى علة فاعلة، لم يسلم لك ذلك، فإن تحقق المشترك في المميز لا يستلزم كون المميز هو الفاعل المبدع المشترك، وإن أردت بأنه لا يوجد إلا بما هو شرط في وجوده، فلم قلت: إن هذا محال؟

التالي السابق


الخدمات العلمية