الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ونحن نبين ما يعرف الحق [به]. فنقول: معلوم أن هذا الإنسان يشابه غيره في الإنسانية، ويشابه سائر الحيوانات في الحيوانية، وهذا معنى قولهم: متفقان في مسمى الإنسانية أو الحيوانية، أو يشتركان في ذلك، لكن نفس إنسانيته التي تخصه، وحيوانيته التي تخصه، لم يشركه فيها غيره أصلا، وإن كان قد ماثله فيها وشابهه، فمشابهة الشيء الشيء ومماثلته لا تقتضي أن يكون عين أحدهما يشاركه الآخر فيها، أو في شيء من صفاتها القائمة بها، فزيد المعين ليس فيه شيء من غيره أصلا، ولا في شيء من صفاته القائمة به.

فقول القائل: اشتركا في الإنسانية أو اتفقا فيها، ونحو ذلك، فيه إجمال، فإن الاشتراك يراد به الاشتراك في الأمور الموجودة في الخارج، [ ص: 90 ] كاشتراك الشركاء في العقار، بحيث يكون لهذا بعضه ولهذا بعضه، مشاعا أو مقسوما، وإذا اقتسما ذلك كان لهذا بعضه ولهذا بعضه، والمقسوم لا يصدق على كل من القسمين ولا يعمهما، فهذا اشتراك في الكل وقسمة للكل إلى أجزائه، كالقسمة التي ذكرها الفقهاء في كتبهم، وقسمة النبي صلى الله عليه وسلم الغنائم والمواريث. ومنه انقسام الكلام الى اسم وفعل وحرف.

ومعلوم أن اشتراك الأعيان في النوع أو الجنس. وانقسام الأجناس إلى الأنواع والأشخاص ليس من هذا، فإن هذا قسمة الكلي إلى جزئياته، واشتراك الجزئيات في كلي يتناولها، فالكليات لا توجد في الخارج كليات، فلا توجد إلا مشخصة معينة.

التالي السابق


الخدمات العلمية