الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              باب ما روي في جهم وشيعته الضلال ، وما كانوا عليه من قبيح المقال

              317 - حدثنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن عبد الله الدقاق ، قال : نا أبو محمد عبد الله بن ثابت بن يعقوب التوزي المقري ، أخبرني أبي ، عن الهذيل بن حبيب ، عن مقاتل بن سليمان ، قال : " وكان مما علمنا من أمر عدو الله جهم أنه كان من أهل خراسان من أهل الترمذ ، وكان صاحب خصومات وكلام ، وكان أكثر كلامه في الله ، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ، قال : " تفكروا في خلق الله ولا تفكروا في الله عز وجل " فلقي جهم ناسا يقال لهم : [ ص: 87 ] السمنية فعرفوا جهما ، فقالوا له : نكلمك فإن ظهرت حجتنا عليك دخلت في ديننا ، وإن ظهرت حجتك علينا دخلنا في دينك ، فكان مما كلموا به جهما أن قالوا له : ألست تزعم أن لك إلها ؟ . قال جهم : نعم . فقالوا : هل رأيت إلهك ؟ قال : لا . [ ص: 88 ] قالوا : أسمعت كلامه ؟ قال : لا . قالوا : فسمعت له حسا ؟ قال : لا . قالوا : فما يدريك أنه إله ؟ . قال : فتحير جهم ، فلم يصل أربعين يوما ، ثم استدرك حجته مثل حجة زنادقة النصارى ، وذلك أن زنادقة النصارى تزعم أن الروح التي في عيسى عليه السلام هي روح الله من ذاته كما يقال : إن هذه الخرقة من هذا الثوب فدخل في جسد عيسى فتكلم على لسان عيسى ، وهو روح غائب عن الأبصار ، فاستدرك جهم من هذه الحجة ، فقال للسمنية : ألستم تزعمون أن في أجسادكم أرواحا ؟ . قالوا : نعم . قال : هل رأيتم أرواحكم ؟ قالوا : لا . قال : أفسمعتم كلامها ؟ قالوا : لا . قال : أفشممتم لها رائحة ؟ قالوا : لا . قال جهم : فكذلك الله عز وجل لا يرى في الدنيا ولا في الآخرة ، وهو في كل مكان ، لا يكون في مكان دون مكان ، ووجدنا ثلاث آيات في كتاب الله [ ص: 89 ] عز وجل ، قوله : ليس كمثله شيء ، وقوله : وهو الله في السماوات وفي الأرض ، وقوله : لا تدركه الأبصار فبنى أصل كلامه على هذه الثلاث الآيات ، ووضع دين الجهمية ، وكذب بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتأول كتاب الله على تأويله ، فاتبعه من أهل البصرة من أصحاب عمرو بن عبيد ، وأناس من أصحاب أبي حنيفة فأضل بكلامه خلقا كثيرا .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية