الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4712 ) فصل : رجل أعتق عبدا ، لا مال له سواه ، قيمته عشرة ، فمات قبل سيده ، وخلف عشرين ، فهي لسيده بالولاء ، وتبين أنه مات حرا ، وكذلك إن خلف أربعين وبنتا . وإن خلف عشرة ، عتق منه شيء ، وله من كسبه شيء ، ولسيده شيئان ، وقد حصل في يد سيده عشرة تعدل شيئين ، فتبين أن نصفه حر ، وباقيه رقيق ، والعشرة يستحقها السيد ، نصفها بحكم الرق ، ونصفها بالولاء . فإن خلف العبد ابنا ، فله من رقبته شيء ، ومن كسبه شيء ، يكون لأبيه بالميراث ، ولسيده شيئان ، فتقسم العشرة على ثلاثة ، للابن ثلثها ، وللسيد ثلثاها ، وتبين أنه عتق من العبد ثلثه

                                                                                                                                            وإن خلف بنتا ، فلها نصف شيء ، وللسيد شيئان ، فصارت العشرة على خمسة ، للبنت خمسها ، وللسيد أربعة أخماسها ، تعدل شيئين ، فتبين أن خمسي العبد مات حرا . وإن خلف العبد عشرين وابنا ، فله من كسبه شيئان ، يكونان لابنه ، ولسيده شيئان ، فصارت العشرون بين السيد وبين ابنه نصفين ، وتبين أنه عتق منه نصفه . فإن مات الابن قبل موت السيد ، وكان ابن معتقه ، ورثه السيد ; لأنا تبينا أن أباه مات حرا ، لكون السيد ملك عشرين ، وهي مثلا قيمته ، فعتق ، وجر ولاء ابنه إلى سيده ، فورثه

                                                                                                                                            وإن لم يكن ابن معتقه ، لم ينجر ولاؤه ، ولم يرثه سيد أبيه . وكذلك الحكم لو خلف هذا الابن عشرين ، ولم يخلف أبوه شيئا ، أو ملك السيد عشرين من أي جهة كانت . وإن لم يملك عشرين ، لم ينجر ولاء الابن إليه ; لأن أباه لم يعتق ، وإن عتق بعضه ، جر من ولاء ابنه [ ص: 114 ] بقدره ، فلو خلف الابن عشرة ، وملك السيد خمسة ، فإنك تقول : عتق من العبد شيء ، ويجر من ولاء أبيه مثل ذلك ، ويحصل له من ميراثه شيء مع خمسته ، وهما يعدلان شيئين ، وباقي العشرة لمولى أمه .

                                                                                                                                            فيقسم بين السيد ومولى الأم نصفين ، وتبين أنه قد عتق من العبد نصفه ، وحصل للسيد خمسه من ميراث ابنه ، وكانت له خمسة ، وذلك مثلا ما عتق من العبد . فإن مات الابن في حياة أبيه قبل موت سيده ، وخلف مالا ، وحكمنا بعتق الأب أو عتق بعضه ، ورث مال ابنه إن كان حرا ، أو بقدر ما فيه من الحرية إن كان بعضه حرا ، ولم يرث سيده منه شيئا . وفي هذه المسائل خلاف تركت ذكره كراهة التطويل .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية