الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4987 ) فصل : وإذا استكره الابن امرأة أبيه على ما ينفسخ به نكاحها ، من وطء أو غيره ، في مرض أبيه ، فمات أبوه من مرضه ذلك ، ورثته ، ولم يرثها إن ماتت . وهذا قول أبي حنيفة وأصحابه . فإن طاوعته على ذلك ، لم ترث ; لأنها مشاركة فيما ينفسخ به نكاحها ، فأشبه ما لو خالعته . وسواء كان للميت بنون سوى هذا الابن ، أو لم يكن . فإذا انتفت التهمة عنه ، بأن يكون غير وارث ، كالكافر والقاتل والرقيق ، أو كان ابنا من الرضاعة ، أو ابن ابن محجوب بابن للميت ، أو بأبوين ، أو ابنين ، أو كان للميت امرأة أخرى تجوز ميراث الزوجات ، لم ترث ; لانتفاء التهمة

                                                                                                                                            ولو صار ابن الابن وارثا بعد ذلك ، لم يرث ; لانتفاء التهمة حال الوطء . ولو كان حال الوطء وارثا ، فعاد محجوبا عن الميراث لورثت ; لوجود التهمة حين الوطء . ولو كان للمريض امرأتان ، فاستكره ابنه إحداهما ، لم ترثه ; لانتفاء التهمة عنه ، لكون ميراثها لا يرجع إليه . ولو استكره الثانية بعدها ، لورثت الثانية ; لأنه متهم في حقها ، ولو استكرههما معا ، دفعة واحدة ، ورثتا جميعا . وهذا كله قول أبي حنيفة وأصحابه

                                                                                                                                            وأما الشافعي رضي الله عنه فإنه لا يرى فسخ النكاح بالوطء الحرام . وكذلك الحكم فيما إذا وطئ المريض من ينفسخ نكاحه بوطئها ، كأم امرأته أو ابنتها ، فإن امرأته تبين منه ، وترثه إذا مات في مرضه ، ولا يرثها ، وسواء طاوعته الموطوءة أو أكرهها ، فإن مطاوعتها ليس للمرأة فيه فعل يسقط به ميراثها . فإن كان زائل العقل حين الوطء لم ترث امرأته منه شيئا ; لأنه ليس قصد صحيح ، فلا يكون فارا من ميراثها . وكذلك لو وطئ ابنه امرأته مستكرها لها ، وهو زائل العقل ، لم ترث لذلك

                                                                                                                                            فإن كان صبيا عاقلا ، ورثت ; لأن له قصدا صحيحا . وقال أبو حنيفة : هو كالمجنون ; لأن قوله لا عبرة به . وكذلك الحكم فيما إذا وطئ ابنة امرأته أو أمها وللشافعي في وطء الصبي بنت امرأته أو أمها قولان ; أحدهما ، لا ينفسخ به نكاح امرأته ; لأنه لا يحرم . والثاني ، أن امرأته تبين بذلك ، ولا ترثه ولا يرثها . وفي القبلة [ ص: 272 ] والمباشرة دون الفرج روايتان ; إحداهما ، تنشر الحرمة وهو قول أبي حنيفة وأصحابه ; لأنها مباشرة تحرم في غير النكاح والملك فأشبهت الوطء والثانية ، لا تنشرها ، لأنها ليست بسبب للبعضية ، فلا تنشر الحرمة ، كالنظر والخلوة

                                                                                                                                            وخرج أصحابنا في النظر إلى الفرج والخلوة لشهوة وجها أنه ينشر الحرمة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية