الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ومن شر حاسد إذا حسد .

[5] ومن شر حاسد إذا حسد أظهر حسده، وعمل بمقتضاه، والحسد أخبث الطبائع، وهو تمني زوال النعمة عن مستحقها، سواء كانت نعمة دين أو دنيا.

قال - صلى الله عليه وسلم: "الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب". [ ص: 466 ]

وقد روي عن الله -عز وجل- أنه قال: "الحاسد مضاد لقضائي، جاحد لنعمائي".

قال عمر بن عبد العزيز - رحمه الله: "ما رأيت ظالما أشبه بمظلوم من الحاسد، غم دائم، ونفس متتابع".

وأول ذنب عصي الله تعالى به في السماء: حسد إبليس لآدم، فأخرجه من الجنة، فطرد، وصار به شيطانا رجيما، وفي الأرض: حسد قابيل لأخيه هابيل، فقتله.

وعين الحاسد في الأغلب لا تضر، قال بعضهم: كل أحد يمكن أن ترضيه إلا الحاسد؛ فإنه لا يرضيه إلا زوال النعمة عنك.

وأنشد بعضهم:


فكل أداريه على حسب حاله سوى حاسد فهي التي لا أنالها     وكيف يداري المرء حاسد نعمة
إذا كان لا يرضيه إلا زوالها

قال الحسين بن الفضل: ذكر الله تعالى الشرور في هذه السورة، ثم ختمها بالحسد؛ ليظهر أنه أخس طبع. [ ص: 467 ]

[قال - صلى الله عليه وسلم: "لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا، فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله حكمة، فهو يقضي بها، ويعلمها" ].

وروي أن المراد بالحاسد إذا حسد: اليهود؛ فإنهم كانوا يحسدون النبي - صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية