الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) : ولو قال : إن فعلت كذا فأنا أهدي كذا وسمى شيئا من ماله فعليه أن يهديه ; لأنه التزم أن يهدي ما هو مملوك له ، والهدي قربة والتزام القربة في محل مملوك له صحيح كما لو نذر أن يتصدق به ثم الإهداء يكون إلى مكان ، وذلك المكان ، وإن لم يكن في لفظه حقيقة ، ولكن صار معلوما بالعرف أنه مكة قال الله تعالى في الهدايا { ثم محلها إلى البيت العتيق } فإذا تعين المكان بهذا المعنى فإن كان ذلك الشيء مما يتقرب بإراقة دمه فعليه أن يذبحه بمكة وإن كان لا يتقرب بإراقة دمه ، وإنما يتقرب بالتصدق به فإنه يتصدق به على مساكين مكة ، وإن كان ذلك الشيء لا يستطيع أن يهديه بنفسه كالدار والأرض فعليه أن يهديه بقيمته ; لأن التقرب يحصل بالعين تارة ويحصل بمعنى المالية أخرى ، فإذا كانت العين لا تحول من مكان إلى مكان عرفنا أن مراده التزام التصدق بماليته فعليه أن يهدي قيمته يتصدق به على مساكين مكة ، وإن أعطاه حجبة البيت أجزأه بعد أن يكونوا فقراء ; لأنهم بمنزلة غيرهم من المساكين .

( قال ) : وكذلك إن قال : فثوبي هذا ستر البيت أو قال : أنا أضرب به حطيم البيت فعليه أن يهديه استحسانا ، وفي القياس لا شيء عليه ; لأن ما صرح به في كلامه لا يلزمه ; لأنه ليس بقربة فلأن لا يلزمه غيره أولى . وفي الاستحسان إنما يراد بهذا اللفظ الإهداء به فصار اللفظ عبارة عما يراد به غيره فكأنه التزم أن يهديه ; لأن اللفظ متى صار عبارة عن غيره سقط اعتباره في نفسه حقيقة

التالي السابق


الخدمات العلمية