الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) : وإن قال : مالي هدي فعليه أن يهدي ماله كله ، قال : بلغنا عن إبراهيم أنه قال في مثل هذا : يتصدق بماله كله ويمسك منه قدر قوته ، فإذا أفاد مالا يتصدق بقدر ما أمسك وأورد هذه المسألة في كتاب الهبة فيما إذا قال : مالي صدقة ، فقال : في القياس ينصرف هذا إلى كل مال له وهو قول زفر رحمه الله تعالى وفي الاستحسان ينصرف إلى مال الزكاة خاصة بخلاف ، أما إذا قال : جميع ما أملك فمن أصحابنا من قال : ما ذكر هنا جواب [ ص: 135 ] القياس ; لأن التزام الهدي في كل مال كالتزام الصدقة في كل مال ، والأصح أن يفرق بينهما فيقال في لفظ الصدقة إنما حمل هذا اللفظ على مال الزكاة خاصة اعتبارا لما يوجبه على نفسه بما أوجبه الله تعالى عليه وما أوجب الله تعالى عليه من الصدقة في المال مختص بمال الزكاة فكذلك ما يوجبه العبد على نفسه ، وهنا إنما أوجب الهدي وما أوجب الله تعالى من الهدي لا يختص بمال الزكاة فكذلك ما يوجبه على نفسه فلهذا اعتبرنا فيه حقيقة اللفظ ، ولكنه يمسك مقدار قوته ; لأن حاجته مقدمة على حاجة غيره ، فإذا أفاد مالا تصدق بمثل ما أمسك لتعلق حق المساكين به ثم قال : وكذلك إن قال : كل مالي صدقة في المساكين فهذا مثل الأول في قول إبراهيم رحمه الله تعالى ، وهذا العطف يؤيد ما قلنا أولا أن المذكور جواب القياس فإن القياس والاستحسان منصوص عليهما في لفظ الصدقة في كتاب الهبة ، وإن قال : إن فعلت كذا فغلامي هذا هدي فباعه ثم فعل ذلك لم يلزمه شيء ; لأن المعلق بالشرط عند وجوده كالمنشإ ، ولو أنشأ النذر عند ذلك الفعل لم يلزمه شيء ; لأن العبد ليس في ملكه فكذلك إذا وجد الشرط ، وكذلك إن كان الغلام في غير ملكه حين حلف ثم اشتراه ثم فعل ذلك ; لأن اليمين بالنذر في محل معين لا يصح إلا باعتبار الملك أو الإضافة إلى الملك ، ولم يوجد الملك ولا الإضافة إلى الملك في المحل وقت اليمين فلم ينعقد يمينه أصلا

التالي السابق


الخدمات العلمية