الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) محرم أصاب صيدا كثيرا على قصد الإحلال والرفض لإحرامه فعليه لذلك كله دم عندنا ، وقال الشافعي [ ص: 102 ] رحمه الله تعالى عليه جزاء كل صيد لأنه مرتكب محظور الإحرام بقتل صيد فيلزمه جزاؤه كما لو لم يقصد رفض الإحرام ، وهذا لأن قصده هذا ليس بشيء لأن إحرامه لا يرتفض بقتل الصيد فكان وجود هذا القصد كعدمه ، وهو بناء على أصله أن في وجوب الجزاء العبرة للمحل دون الفعل فلا معتبر بقصده إلى الرفض بفعله ، ولكنا نقول إن قتل الصيد من محظورات الإحرام ، وارتكاب محظورات العبادة يوجب ارتفاضها كالصوم والصلاة إلا أن الشرع جعل الإحرام لازما لا يخرج منه إلا بأداء الأعمال ألا ترى أنه حين لم يكن لازما في الابتداء كان يرتفض بارتكاب المحظور ، وكذلك الأمة إذا أحرمت بغير إذن مولاها أو المرأة إذا أحرمت بغير إذن زوجها بحجة التطوع لم يكن ذلك لازما في حق الزوج كان له أن يحللها بفعل شيء من المحظورات بها فكان هو في قتل الصيود هنا قاصدا إلى تعجيل الإحلال لا إلى الجناية على الإحرام ، وتعجيل الإحلال يوجب دما واحدا كما في حق المحصر بخلاف ما إذا لم يكن على قصد رفض الإحرام لأنه قصد الجناية على الإحرام بقتل كل صيد فيلزمه جزاء كل صيد ، وقد بينا أن حكم جزاء الصيد في حق المحرم ينبني على قصده حتى أن ضارب الفسطاط لا يكون ضامنا للجزاء بخلاف ناصب الشبكة .

التالي السابق


الخدمات العلمية