الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
. ( قال ) ثم يبدأ إذا دخل مكة بطواف العمرة بالبيت ، وسعى بين الصفا والمروة على نحو ما وصفنا في الحج ثم يطوف للحج بالبيت ، ويسعى له بين الصفا ، والمروة ، وهذا عندنا أن القارن يطوف طوافين ، ويسعى سعيين ، وعند الشافعي رحمه الله تعالى يطوف طوافا واحدا ، ويسعى سعيا واحدا ، واحتج بحديث عائشة رضي الله عنها { أن النبي [ ص: 28 ] صلى الله عليه وسلم طاف لحجته ، وعمرته طوافا واحدا ، وسعى سعيا واحدا } هكذا رواه الشافعي ، وهو منه تناقض بين فإنه روى عن عائشة رضي الله عنها في المسألة الأولى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مفردا ، ثم روى في هذه المسألة أنه كان قارنا ، وطاف لهما طوافا واحدا .

وروي { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة رضي الله عنها طوافك بالبيت يكفيك لحجك ولعمرتك } { ، وقال صلى الله عليه وسلم دخلت العمرة في الحجة إلى يوم القيامة } .

والمعنى فيه أن مبنى القران على التداخل ، ألا ترى أنه يكتفي لهما بتلبية واحدة ، وسفر واحد ، وحلق واحد فكذلك يثبت التداخل في الأركان ، ولأن العمرة تبع للحج فهي من الحج بمنزلة الوضوء مع الاغتسال فكما يدخل الوضوء في الاغتسال فكذلك العمرة في الحج ، وحجتنا حديث علي رضي الله عنه ، وابن مسعود ، وعمران بن الحصين رضي الله عنهم { أن النبي قرن وطاف لهما طوافين ، وسعى سعيين } ، وحديث الصبي بن معبد أنه قرن ، وطاف طوافين ، وسعى سعيين فقال له عمر رضي الله عنه هديت لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم .

وفي الكتاب ذكر عن علي رضي الله عنه أنه قال : يطوف القارن طوافين ، ويسعى سعيين ، والمعنى فيه أن القران ضم الشيء إلى الشيء ، وإنما يتحقق ذلك لأداء عمل كل نسك بكماله ، ولأن كل واحد منهما عبادة محضة ، ولا تداخل في أعمال العبادات إنما التداخل فيما يندرئ بالشبهات ألا ترى أنه لا يتداخل أشواط طواف واحد وسعي واحد .

ومعنى الدخول المذكور في الحديث الوقت أي دخل وقت العمرة في وقت الحج على معنى أنه يؤديهما في وقت واحد ، والسفر والتلبية والحلق غير مقصودة إنما السفر للتوصل إلى أداء النسك ، والتلبية للتحرم ، والحلق للتحلل فلا تكون مقصودة ، وإنما المقصود أركان العبادة ألا ترى أن أداء شفعين من التطوع بتكبيرة واحدة وتسليمة واحدة يجوز ، ولا يدخل أحد الشفعين في الآخر ، والوضوء مع الاغتسال غير مقصود بل المقصود تطهير البدن ليقوم إلى المناجاة طاهرا ، وقد حصل ذلك بالاغتسال ، وهنا كل نسك مقصود فيلزمه أداء أعمال كل واحد منهما ، والحديث الذي رواه { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة رضي الله تعالى عنها طوافك بالبيت يكفيك لحجك وعمرتك } لا يكاد يصح فإنها قد رفضت العمرة بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حاضت بسرف على ما نبينه من بعد إن شاء الله تعالى

التالي السابق


الخدمات العلمية