الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
[ ص: 197 ] ( قول إمام الشافعية في وقته سعد بن علي الزنجاني صرح بالفوقية بالذات )

فقال : وهو فوق عرشه بوجود ذاته . هذا لفظه وهو إمام في السنة له قصيدة فيها معروفة أولها :


تمسك بحبل الله واتبع الأثر ودع عنك رأيا لا يلائمه خبر



وقال في شرح هذه القصيدة : والصواب عند أهل الحق أن الله تعالى خلق السماوات والأرض وكان عرشه على الماء مخلوقا قبل خلق السماوات والأرض ثم استوى على العرش بعد خلق السماوات والأرض على ما ورد به النص ونطق به القرآن وليس معنى استوائه أنه ملكه واستولى عليه لأنه كان مستوليا عليه قبل ذلك وهو أحدثه لأنه مالك جميع الخلائق ومستول عليها وليس معنى الاستواء أيضا أنه ماس العرش أو اعتمد عليه أو طابقه ؛ فإن كل ذلك ممتنع في وصفه جل ذكره ، ولكنه مستو بذاته على عرشه بلا كيف كما أخبر عن نفسه ، وقد أجمع المسلمون على أن الله هو العلي الأعلى ونطق بذلك القرآن بقوله تعالى : ( سبح اسم ربك الأعلى ) وأن لله علو الغلبة والعلو الأعلى من سائر وجوه العلو ؛ لأن العلو صفة مدح عند كل عاقل فثبت بذلك أن لله علو الذات وعلو الصفات وعلو القهر والغلبة . وجماهير المسلمين وسائر الملل قد وقع منهم الإجماع على الإشارة إلى الله جل ثناؤه من جهة الفوق في الدعاء والسؤال ، فاتفاقهم بأجمعهم على الإشارة إلى الله سبحانه من جهة الفوق حجة ولم يستجز أحد الإشارة إليه من جهة الأسفل ولا من سائر الجهات سوى جهة الفوق ، وقال تعالى : ( يخافون ربهم من فوقهم ) ، وقال تعالى : ( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ) وقال تعالى : ( تعرج الملائكة والروح إليه ) وأخبر عن فرعون أنه قال : [ ص: 198 ] ( ياهامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا ) وكان فرعون قد فهم عن موسى أنه يثبت إلها فوق السماء حتى رام بصرحه أن يطلع إليه واتهم موسى بالكذب في ذلك ومخالفنا ليس يعلم أن الله فوقه بوجود ذاته فهو أعجز فهما من فرعون . وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه سأل الجارية التي أراد مولاها عتقها أين الله ؟ قالت : في السماء وأشارت برأسها ، وقال من أنا ؟ قالت : أنت رسول الله فقال : أعتقها فإنها مؤمنة ، فحكم النبي صلى الله عليه وسلم بإيمانها حين قالت : إن الله في السماء ، وقال الله عز وجل : ( ثم استوى على العرش ) وقال تعالى ( يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه ) وذكر النبي صلى الله عليه وسلم ما بين كل سماء إلى سماء وما بين السماء السابعة وبين العرش ثم قال الله فوق ذلك وله أجوبة سئل عنها في السنة فأجاب عنها بأجوبة أئمة السنة وصدرها بجواب إمام وقته أبي العباس بن سريج .

التالي السابق


الخدمات العلمية