الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          المطلب الأول: حماية الدين

          إن الدين يمثل قمة الهرم للمبادئ الأساسية الأخرى، لأنه الإطار الإلهي الذي فيه يمارس الإنسان حياته وتنتظم به حقوقه، فالدين -في التصور الإسلامي- ليس عبادة فحسب وإنما هـو نظام تشريعي يحيط بكل شئون الإنسان والتي قد لا تصان بتلك الصورة المتكاملة بدون تشريع [1] إذا كان الأمر كذلك، فإن مصلحة الدين أساس للمصلحة الأخرى ومقدمة عليها، فيجب التضحية بما سواها مما قد يعارض المصالح الأخرى إبقاء لها وحفاظا عليها [2] .. ومما يشير إلى ذلك حديث أبي هـريرة رضي الله عنه قال: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني نفسـه وماله إلا بحقه وحسابه على الله ) [3] . [ ص: 65 ] وبيان هـذا الحديث، أن القتال في الإسلام لا يشرع إلا للدفاع عن النفس والعقيدة والوطن، أي الإسلام يقاتل من يقاتله ولا يقاتل غير المقاتل. بهذا نفهم أن علة القتال في الإسلام ليست الكفر يدل على ذلك حديث حنظلة الكاتب ( قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمررنا على امرأة مقتولة قد اجتمع عليها الناس، فأفرجوا له، فقال: «ما كانت هـذه تقاتل فيمن يقاتل» ثم قال لرجل: «انطلق إلى خالد بن الوليد فقل له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك يقول: لا تقتلن ذرية ولا عسيفا ) [4] ( وعن أنس بن مالك رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «انطلقوا باسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله، ولا تقتلوا شيخا فانيا، ولا طفلا، ولا صغيرا، ولا امرأة، ولا تغلوا [5] ، وضـموا غنائـمكم، وأصـلحوا ( وأحسنوا إن الله يحب المحسنين ) (البقرة:195 ) [6] .

          إذ لو كانت علة القتال هـي الكفر لما أمر صلى الله عليه وسلم بعدم قتل غير المقاتلين الواردين في الحديث.

          فحماية الدين أمر أساسي وضروري في حياة الإنسان، واستقراره في النفس هـو أحد الملامح والخصائص الجوهرية الأساسية للهدف السماوي المقدس بإيجاد إنسان أقرب ما يكون إلى الكمال، إضافة إلى أن حماية الدين من حيث الوجود واجبة، فالردة إذن محرمة، ومن يرتد عن دينه يـجب [ ص: 66 ] عليه «القتل». ( فعن ابن مسعود ، رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا يحل دم امرئ مسـلم يشـهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة ) [7] . ( وعن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال: قال رسول الله: «من بدل دينه فاقتلوه ) [8] .

          التالي السابق


          الخدمات العلمية