الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إدارة الأزمة (مقاربة التراث .. والآخر)

الأستاذ الدكتور / عبد الله إبراهيم الكيلاني

المطلب الرابع

الجويني وإدارة الأزمة في كتابه «غياث الأمم»

تعرض الجـويني في كتابه «غياث الأمـم في التياث الظـلم»، باب «ما يناط بالأئمة من الأحكام» لموضوع إدارة الأزمة، ويظهر ذلك من خلال المبادئ الإدارية التالية لإدارة الأزمة:

المبدأ الأول: التنبؤ والرصد والاستشعار

يمثل كتاب «الغياثي» منهجا للتعامل مع الأزمات في حال وقوعها، فاسم الكتاب «غياث الأمم في التياث الظلم»، أي المنهج الذي تسير عليه الأمة في حال ظلمة مضطربة، وبتعبير إداري هو فن إدارة الأزمة.

وفي الباب الثامن يتناول الحديث عن ما يناط بالأئمة والولاة ويتناول فيه عدد من الأزمات، منها التعامل مع أهل البدع، الذين يحملون أفكارا سياسية قد تدفعهـم للتمـرد على الدولة، والتعامل الاقتصادي إذا عجزت الموازنة، وكيف يمـكن تدبير مصـادر للموازنة، فيبـدأ حديثه بتحليل عدة صور:

الأولى: استقرار الأوضاع، حيث لا يوجد أزمات، وهي مرحلة ما قبل الأزمة، فيقول هنا: لا بد من وجود مصدر تزويد دائم بالمعلومات وجهاز [ ص: 148 ] استشعـار يقظ للتنبه للأزمة في مراحلها الأولى، وفي هذا يقول: «فنقول والله المستعان:

إن صفا الدين عن الكدر والأقذار، وانتفض عن شوائب البدع والأهواء كان حقا على الإمام أن يرعاهم بنفسه ورقبائه بالأعين الكالئة، ويرقبهم بذاته وأمنائه بالآذان الواعية، ويشارفهم مشارفة الضنين ذخائره، ويصونـهم عن نواجم الأهـواء وهواجم الآراء، فإن المبادئ أهون من قطع التمادي».

وفي النص تنبيه لأجهزة الرصد والمتابعة المعبر عنه بقوله: «ويشارفهم مشارفة الضنين ذخائره»، أي كما يتفقد البخيل أمواله، ويعلل أهمية الرصد بأن قطع الأزمة في بداياتها أهون من التعامل معها إذا تمادت، وهذا ما يقرره خبراء الإدارة بأهمية دراسة الأزمة وتحليل القوة المحركة لها.

التالي السابق


الخدمات العلمية