الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إدارة الأزمة (مقاربة التراث .. والآخر)

الأستاذ الدكتور / عبد الله إبراهيم الكيلاني

4- الإشاعات

وهي تعتمد على معلومة تنسج حولها أباطيل، ومن ذلك ما اتهمت به السيدة عائشة، رضي الله عنها، في حادثة الإفك، فهناك واقعة حدثت وهي أن السيدة عائشة عادت متأخرة عن القافلة، وأن صفوان بن معطل كان يقود دابتها، وقد اعتمد من خاض بالإفك على الحدث وبنوا عليه أباطيل وأدخلوا المجتمع المسلم في أزمة بسبب شائعة!

5- الإدارة الفوضوية غير الرشيدة

وهي ما حذر منه الرسول صلى الله عليه وسلم حين ( سئل صلى الله عليه وسلم: متى الساعة؟ فقال: فإذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة، قال: كيف إضاعتها؟ قال: إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة ) [1] ، وإنما دل على دنو الساعة لإفضاء فوضى [ ص: 59 ] الإدارة إلى تضارب التعليمات والمهام المتعارضة، ورفع العلم، وعجز أهل الحق عن القيام بإصلاح الخلل [2] ، فمن شأن فوضى الإدارة أن تؤدي إلى مجموعة أخطاء مثل عدم التخطيط، عدم الرقابة، الاعتماد على التجسس بدل إثارة الدافعية، الخلط بين الأولويات، فيغلب عنصر المراقبة على عنصر الإنتاج، ويعتمد أساليب فاشلة للرقابة، ثم يشيع جو الإرهاب والخوف والتصارع داخل المؤسسة.

ويعتمد أسلوب تقسيم المؤسسة إلى شيع متناحرة، فيما يعرف بالشللية، فتشيع أجواء التحاسد والتدابر، وكل هذا يؤول إلى نشوء الأزمات التي تعصف بالإدارة، ويحول الإدارة إلى كيان هش أو رخو لا يستطيع الصمود أمام الأزمات [3] ؛ لأن القلوب إذا تداعت إلى أهواء الباطل والميل إلى الدنيا حصل التنافس وفشا الخلاف [4] .

وتتصف الإدارة العشوائية الفوضية بعدة سلبيات، كل منها سبب لأزمة، من ذلك أنها [5] :

- لا تعترف بأهمية التخطيط.

- تغلب المصلحة الحالية على المصلحة ذات الأثر الممتد. [ ص: 60 ]

- لا تحترم الهيكل التنظيمي.

- تظهر الفاسدين وتحارب القدوة الصالحة.

- تعجز عن إصدار الأوامر، وتتـبرأ من القرار بعد اتخاذه عند المساءلة أو الشعور بالخطأ، فيصبح القرار الإداري أشبه باللقيط، متخذه يتبرأ منه [6] . وقد نبه القرآن الكريم إلى أن تبرؤ صاحب القرار من قراره علامة فوضى إدارية، وذلك في وصفه حال أهل النار، والعياذ بالله، وتلاومهم:

( وبرزوا لله جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء قالوا لو هدانا الله لهديناكم سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص * وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم ) (إبراهيم:21-22)،

فالقرارات التي يتبرأ منها أصحابها هي قرارات إدارية خاطئة تخلق أزمة، وخصوصا عندما تكون حول قضية مصيرية؛ لذا على من يتخذ القرار أن يكون عنده من الشجاعة أن يعلن استعداده للدفاع عن القرار، والرجوع عنه بحكمة إن اكتشف أنه قرار خاطئ. [ ص: 61 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية