الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ثم قال:


      ........... وفوق واو ثم يا وألف


      مط لهمز بعدها تأخرا     وساكن أدغم أو أن أظهرا

      بين هنا موضع المط المشار إليه بقوله في الترجمة، وموضع المط من الممدود، فذكر أن المط الذي هو المد يجعل فوق حروف المد الثلاثة التي هي الألف والواو الساكنة المضموم ما قبلها، والياء الساكنة المكسور ما قبلها، والمراد بالفوقية أن يكون بين المد وحرفه بياض كما كان في الحركة، ويكون حرف المد مقابلا لوسط المد على المختار، وقيل: يكون ابتداء المد من حرف المد ويمر به إلى الهمز أو الساكن، ولا يدخل في حروف المد هنا ما كان منها مبدلا من الهمز كما في: "ءالذكرين" و: أأقررتم ، و: شاء أنشره على وجه البدل لورش ; لأنه سيتكلم عليه في باب الهمز.

      وقد بين الناظم موضع المد ولم يبين علامته، وهي صورته الدالة عليه، وكأنه لما رأى صورته موافقة للفظه الذي هو مد لم يحتج إلى بيانها إلا أن صورته تطمس ميمها، ويزال الطرف الأعلى من دالها هكذا فرقا بينها وبين لفظه، وقوله: "لهمز بعدها تأخرا وساكن" أشار به إلى أن العلة في وضع المد هو وجود الهمز أو الساكن بعد حروف المد، وذلك أنه لما كان وجود الهمز أو الساكن بعدها في اللفظ سببا في امتداد الصوت بها، وضع عليها صورة مد في الضبط تنبيها على أنها في اللفظ ممدودة، وقوله: "تأخرا" مستغنى عنه بقوله: "بعدها"، وقوله: "أدغم وإن أظهرا" تعميم في الساكن، [ ص: 265 ] فمثال الهمز بعدها: جاء ، و: قروء ، و: سيء ، ومثال الساكن المدغم أو المظهر بعدها: الحاقة ، و: محياي ، عند من سكن ياءه، وخالف نقاط العراق في هذا فلم يجعلوا للمد علامة، ورأوا أن وجود السبب كاف في ذلك.

      واعلم أن قول الناظم "لهمز" يدخل فيه الهمز المتصل المغير، والهمز المنفصل، فالأول نحو: واللائي ، عند ورش و: هؤلاء إن ، و: أولياء أولئك ، و: شاء أنشره عند قالون، والثاني نحو: بما أنزل ، فيوضع المط في القسم الأول بناء على أحد الوجهين في حرف المد الواقع قبل الهمز المغير وهو وجه لمد، ويوضع المط لورش في القسم الثاني; لأنه يمده اتفاقا، ولقالون بناء على أحد الوجهين له فيه وهو وجه المد، وأما على وجه القصر فلا يوضع المط لا في المغير ولا في المنفصل، واحترز الناظم بقوله: "بعدها" عما إذا تقدم الهمز على حروف المد نحو: آمن ، و: أوتوا و: أيمان ، فإنه لا يوضع عليها المط عند قالون لكونه يقرأها بالقصر اتفاقا، ومثله ورش على رواية قصرها وتوسطها له، وأما على رواية إشباعها له فيوضع المط عليها كما إذا تأخر عنها الهمز، وإنما لم يوضع المط على رواية التوسط مع أن فيه زيادة على المد الطبيعي; لئلا يلتبس المد المتوسط بالمد المشبع.

      "تنبيه": مراد الناظم بالساكن الساكن الموجود مع حرف المد وصلا ووقفا كما في الأمثلة السابقة، فيخرج الساكن الذي يوجد وصلا خاصة، ويحذف لأجله حرف المد لفظا في الوصل نحو: وقالا الحمد لله ، قالوا اطيرنا ، أفي الله شك ، فلا يوضع المط في ذلك خطا لعدم وجود حرف المد لفظا، ويخرج الساكن الموجود وقفا خاصة سواء كان الوقف معه بوجوب الإشباع على التحقيق كما في: "الصلوة" و: "مزجية" أو بجوازه نحو: نستعين ، و: المفلحون ، و: متاب ، فلا يوضع المط في ذلك خطا لكون حرف المد يقصر في الوصل لعدم وجود الساكن بعده وصلا، والنقط مبني على الوصل، وقوله: و: "ساكن" معطوف على "همز" والأظهر في "أن" من قوله: "أو أن أظهرا" أن تكون مفتوحة الهمزة زائدة، ويصح كسر الهمزة، وتكون شرطية حذف جوابها لدلالة ما تقدم عليه واو حينئذ بمعنى الواو أي: وإن أظهر الساكن فكذلك،

      التالي السابق


      الخدمات العلمية