الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
288 206 - (286) - (1 \ 41) عن أبي فراس، قال: خطب عمر بن الخطاب فقال: يا أيها الناس، ألا إنا إنما كنا نعرفكم إذ بين ظهرانينا النبي صلى الله عليه وسلم، وإذ ينزل الوحي، وإذ ينبئنا الله من أخباركم، ألا وإن النبي صلى الله عليه وسلم قد انطلق، وقد انقطع الوحي، وإنما نعرفكم بما نقول لكم، من أظهر منكم خيرا ظننا به خيرا وأحببناه عليه، ومن أظهر منكم لنا شرا ظننا به شرا، وأبغضناه عليه، سرائركم بينكم وبين ربكم، ألا إنه قد أتى علي حين وأنا أحسب أن من قرأ القرآن يريد الله وما عنده، فقد خيل إلي بأخرة ألا إن رجالا قد قرؤوه يريدون به ما عند الناس، فأريدوا الله بقراءتكم، وأريدوه بأعمالكم.

ألا إني والله ما أرسل عمالي إليكم ليضربوا أبشاركم، ولا ليأخذوا أموالكم، ولكن أرسلهم إليكم ليعلموكم دينكم وسنتكم، فمن فعل به شيء سوى ذلك فليرفعه إلي، فوالذي نفسي بيده إذا لأقصنه منه، فوثب عمرو بن العاص، فقال: يا أمير المؤمنين، أورأيت إن كان رجل من المسلمين على رعية، فأدب بعض رعيته، أئنك لمقتصه منه؟ قال: إي والذي نفس عمر بيده، إذا لأقصنه منه، أنى لا أقصنه منه ، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقص من نفسه؟ ألا لا تضربوا المسلمين فتذلوهم، ولا تجمروهم فتفتنوهم، ولا تمنعوهم حقوقهم فتكفروهم، ولا تنزلوهم الغياض فتضيعوهم .


التالي السابق


* قوله: "إذ بين ظهرينا" : - بفتح الراء - وهو مقحم، والمعنى: إذ كان بيننا النبي صلى الله عليه وسلم.

[ ص: 181 ] * "ينبأ" : من نبأ - بتشديد الباء والهمزة - : إذا أخبر.

* من أخباركم": أي: بعضها.

* "عليه" : أي: لأجله.

* "وما عنده" : عطف على الجلالة; أي: يزيدنا عند الله من الثواب.

* "فقد خيل" : - بتشديد الياء - على بناء المفعول; أي: أوقع في خيالي.

* "إلي" : - بتشديد الياء.

* "بأخرة" : - بفتحتين بلا مد، وقد يضم أولهما - ; أي: أخيرا.

* "فأريدوا" : - بصيغة الأمر - .

* "عمالي" : جمع عامل; كالحكام.

* "أبشاركم" : جمع بشر بمعنى: الإنسان.

* "فمن فعل به" : على بناء المفعول; أي: من الرعية.

* "أنى" : - بفتح الهمزة وتشديد النون - ; أي: كيف لا أقصه؟ ويحتمل أن يكون ضمير المتكلم بتقدير حرف الاستفهام للإنكار.

* "فتذلوهم" : من الإذلال.

* "ولا تجمروهم" : من التجمير - بالجيم والراء المهملة - ، وتجمير الجيش: جمعهم في الثغور وحبسهم عن العود إلى أهليهم.

* "فتكفروهم" : أي: تحملوهم على الكفران، وعدم الرضا بكم، أو على الكفر بالله; لظنهم أنه ما شرع الإنصاف في الدين.

* "الغياض" : ضبط - بكسر الغين - : جمع غيضة - بفتح الغين - ، وهي الشجر الملتف، قيل: لأنهم إذا نزلوها، تفرقوا فيها، فتمكن منهم العدو.

* * *




الخدمات العلمية