الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
69 49 - (68) - (1 \ 11) عن أبي بكر بن أبي زهير، قال: أخبرت أن أبا بكر قال:

يا رسول الله! كيف الصلاح بعد هذه الآية: ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به [النساء، 123]، فكل سوء عملنا جزينا به؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "غفر الله لك يا أبا بكر، ألست تمرض؟ ألست تنصب؟ ألست تحزن؟ ألست تصيبك اللأواء؟"، قال: بلى، قال: "فهو ما تجزون به".

التالي السابق


* قوله: " أخبرت" : أي: بناء المفعول، ومقتضاه أن في الحديث انقطاعا.

* "كيف الصلاح" : أي: صلاح الآخرة، وهو النجاة، أو صلاح الدنيا على وجه يؤدي إلى نجاة الآخرة، ولم يسأل عن وجه التوفيق بين هذه الآية وبين آيات المغفرة والشفاعة; فإن التوفيق إن ظهر فيها، وإلا يفوض الأمر إلى عالمه، ولا ينبغي إظهار التناقض والتدافع بين الآيات; لأنه من قبيل ضرب البعض بالبعض، وقد جاء عنه النهي، وأما هذا السؤال، فأمر متعلق بالنفس، لا سكون لها بدونه، فلا بد منه.

[ ص: 60 ] * "فكل سوء" : هذا العموم مأخوذ من وقوع النكرة في جر الشرط.

* "تمرض" : كتفرح، وكذا: "تنصب" وكذا: "تحزن".

* "اللأواء" : - بفتح فسكون همزة وآخره ألف ممدودة - : الشدة وضيق المعيشة، ثم لا بد من تقييد هذه الآية; أي: إذا لم يغفر له بسبب كالحسنات; لقوله: إن الحسنات يذهبن السيئات [هود: 114]، أو بلا سبب; لقوله: ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء [النساء: 48]، ويمكن أن يقال: إن المغفرة بسبب من باب المجازاة; إذ لولا الذنب، لازداد درجة بالحسنات، فعدم الازدياد من المجازاة، وبلا سبب هو أن يخلص من النار بنحو الأمراض، وهو من باب المجازاة كما في الحديث، فرجع الأمر إلى المجازاة، فليتأمل، والله تعالى أعلم.

* * *




الخدمات العلمية