الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
رجل مات وترك عبدين قيمة كل واحد منهما ألف درهم وترك ابنين واقتسما ذلك فأخذ كل واحد منهما عبدا ، ثم أقرا جميعا أن أباهما أعتق أحد العبدين بعينه ، وهو الذي في يد الأصغر منهما في صحته وأقر الأكبر أن أباه أعتق العبد [ ص: 49 ] الذي في يده في صحته والإقرار بجميع ذلك منهما معا فهما حران أما الذي اتفقا عليه فظاهر وأما الآخر فلأن من هو في يده مالك له ، وقد أقر بعتقه وإقرار المالك في ملكه صحيح ، فإذا أعتق ضمن الأكبر للأصغر نصف قيمة العبد في يده ; لأنه أقر أنه ما أعطاه شيئا فإن الذي أعطاه كان حرا باتفاقهما والذي أخذ الأكبر في الظاهر مملوك لهما والأكبر بالإقرار بعتقه صار متلفا نصيب الأصغر منه ; لأن إقراره ليس بحجة عليه فلهذا ضمن له نصف قيمته ، وهذا الضمان ليس بضمان العتق حتى يختلف باليسار والإعسار ، ولكنه ضمان إتلاف ; لأنه كان ماله بالقسمة ، وقد ظهر فساد القسمة ، ولكن إن تعذر عليه رد عليه نصيبه بعينه بإقراره بخلاف مسألة الدين فإن كل واحد من الابنين هناك أخذ ألفا كما أخذ صاحبه ، ثم استحق ما في يد كل واحد منهما بإقراره فلهذا لا يتبع واحد منهما صاحبه بشيء . وكذلك الإقرار الوديعة في العبدين بأن أقر بأحدهما بعينه أنه وديعة فلان وأقر الآخر بما في يده أنه وديعة لفلان فهذا والإقرار بالعتق سواء كما بينا ، والمعنى هنا أظهر ; لأن من أقر بما في يده خاصة فهو مقر أنه أعطى صاحبه بدلا مستحقا ، وقد تعذر عليه رد نصيبه مما في يده لإقراره به لغيره فيضمن له قيمته .

التالي السابق


الخدمات العلمية