الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو قال : غصبت هذا العبد من فلان لا بل من فلان فالعبد للأول ; لأن رجوعه عن الإقرار باطل وللثاني قيمته ; لأنه أقام الإقرار للثاني بالغصب فيه مقام الإقرار للأول ، وذلك منه صحيح في حق نفسه ، فإذا صار مقرا بالغصب من الثاني وتعذر رده عليه ضمن له قيمته سواء دفعه إلى الأول بقضاء أو بغير قضاء ، قال وكذلك الوديعة والعارية ، وهو قول محمد رحمه الله ، فأما عند أبي يوسف رحمه الله في الوديعة والعارية إن دفع إلى الأول بقضاء القاضي لم يضمن للثاني شيئا ، وإن دفع بغير قضاء فهو ضامن للثاني . ( وبيانه ) إذا قال هذه الألف بعينها وديعة عندي لفلان ، ثم قال مفصولا أو موصولا لا بل هي وديعة لفلان أودعها فلان فالألف للأول ، وإن دفعها إليه بغير قضاء قاض ضمن للثاني مثلها ; لأن إقراره حجة عليه ، وقد أقر أنه صار متلفا لها على الثاني بالإقرار والدفع إلى الأول فهو والغصب سواء ، وإن دفعها بقضاء القاضي لم يضمن للثاني شيئا عند أبي يوسف رحمه الله ; لأنه بمجرد إقراره لم يتلف على الثاني شيئا والدفع حصل بقضاء القاضي فلا يوجب الضمان عليه كما لو قال هذه الألف لفلان [ ص: 77 ] لا بل لفلان ودفع إلى الأول بقضاء قاض لم يضمن للثاني شيئا ، وعند محمد رحمه الله يقول المودع ملتزم حفظ الوديعة للمودع ، وقد صار بالإقرار للأول تاركا ما التزمه من الحفظ للثاني بزعمه فيكون ضامنا له كما لو دل سارقا على السرقة ، وهذا بخلاف الإقرار بالمال مطلقا ; لأن هناك لم يلتزم الحفظ للثاني ، ولكنه شاهد بالملك للثاني على الأول والشاهد إذا ردت شهادته لم يضمن شيئا .

التالي السابق


الخدمات العلمية