الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( ولا تجب القراءة على المأموم ) هذا المذهب ، وعليه جماهير الأصحاب نص عليه وقطع به كثير منهم ، وعنه تجب القراءة عليه ، ذكرها الترمذي ، والبيهقي وابن الزاغوني واختارها الآجري . نقل الأثرم : لا بد للمأموم من قراءة الفاتحة ، ذكره ابن أبي موسى في شرح الخرقي ، وقال : إن كثيرا من أصحابنا لا يعرف وجوبها ، حكاه في النوادر قال في الفروع : هذه الرواية أظهر ، وقيل : تجب في صلاة السر ، وحكاه عنه ابن المنذر .

وأطلقهما ابن تميم ، ونقل أبو داود : يقرأ خلفه في كل ركعة إذا جهر قال : في الركعة الأولى يجزئ ، وقيل : تجب القراءة في سكتات الإمام وما لا يجهر فيه .

تنبيه : قوله " ولا تجب القراءة على المأموم " معناه : أن الإمام يتحملها عنه ، [ ص: 229 ] وإلا فهي واجبة عليه ، هذا معنى كلام القاضي وغيره ، واقتصر عليه في الفروع وغيره .

فائدة : يتحمل الإمام عن المأموم قراءة الفاتحة ، وسجود السهو ، والسترة ، على ما تقدم قال في التلخيص وغيره : وكذا التشهد الأول إذا سبقه بركعة ، وسجود التلاوة ، ودعاء القنوت قوله ( ويستحب أن يقرأ في سكتات الإمام ) هذا المذهب ، وعليه الجمهور وقطع به كثير منهم ، وقيل : يجب في سكتات الإمام ، كما تقدم .

تنبيهات . الأول : قوله ( ويستحب أن يقرأ في سكتات الإمام ) يعني أن القراءة بالفاتحة وهو المذهب ، وعليه الأصحاب ، وقال الشيخ تقي الدين : هل الأفضل قراءته للفاتحة للاختلاف في وجوبها أم بغيرها ; لأنه استمع الفاتحة ؟ ومقتضى نصوص الإمام أحمد ، وأكثر أصحابه : أن القراءة بغيرها أفضل ، نقل الأثرم فيمن قرأ خلف إمامه إذا فرغ الفاتحة . يؤمن ؟ قال : لا أدري ما سمعت ، ولا أرى بأسا وظاهره التوقف ثم بين أنه سنة . انتهى . قال في جامع الاختيارات : مقتضى هذا إنما يكون غيرها أفضل إذا سمعها ، وإلا فهي أفضل من غيرها . الثاني : أفادنا المصنف رحمه الله تعالى أن تفريق قراءة الفاتحة في سكتات الإمام لا يضر ، وهو صحيح ، وهو المذهب ونص عليه وتقدم التنبيه على ذلك في صفة الصلاة .

الثالث : أفادنا المصنف أيضا : أن للإمام سكتات ، وهو صحيح قال المجد ومن تابعه : هما سكتتان على سبيل الاستحباب . إحداهما : تختص بأول ركعة [ ص: 230 ] للاستفتاح ، والثانية : سكتة يسيرة بعد القراءة كلها ، ليرد إليه نفسه ، لا لقراءة الفاتحة خلفه ، على ظاهر كلام الإمام أحمد قال الشيخ تقي الدين : استحب الإمام أحمد في صلاة الجهر سكتتين : عقيب التكبير للاستفتاح ، وقبل الركوع ; لأجل الفصل ، ولم يستحب أن يسكت سكتة تسع قراءة المأموم ، ولكن بعض الأصحاب استحب ذلك . انتهى . وقال في المطلع : سكتات الإمام ثلاث : في الركعة الأولى قبل الفاتحة ، وبعدها وقبل الركوع ، واثنتان في سائر الركعات : بعد الفاتحة ، وقبل الركوع . انتهى . وهو ظاهر كلام المصنف ، وكثير من الأصحاب ، إذا علمت ذلك فالصحيح من المذهب : أنه يستحب أن يسكت الإمام بعد الفاتحة بقدر قراءة المأموم جزم به في الكافي ، وابن تميم ، والفائق ، والرعاية الصغرى ، والحاوي الصغير وقدمه في الفروع ، وعنه يسكت قبل الفاتحة ، وعنه لا يسكت لقراءة المأموم ، وهو ظاهر كلام المجد ومن تابعه ، والشيخ تقي الدين رحمه الله ، كما تقدم قال في الرعاية الكبرى ، والحاوي الكبير : ويقف قبل الحمد ساكتا وبعدها وعنه بل قبلها ، وعنه بل بعدها ، وعنه بل بعد السورة ، قدر قراءة المأموم الحمد .

فائدة : لا تكره القراءة في سكتة الإمام لتنفسه . نقله ابن هانئ عن أحمد واختاره بعض الأصحاب ، وقدمه في الفروع ، وقال الشيخ تقي الدين : لا يقرأ في حال تنفسه إجماعا قال في الفروع كذا قال .

التالي السابق


الخدمات العلمية