الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فائدة : ذكر في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، وحواشي الفروع ، والزركشي وغيرهم : أن الأتقى والأورع سواء ، وقال في الرعاية الكبرى : ثم الأتقى ثم الأورع ثم من قرع ، وعنه يقسم بينهما قوله ( ثم من تقع له القرعة ) يعني بعد الأتقى ، وهو إحدى الروايتين ، وهو المذهب جزم به في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والخلاصة ، والمذهب الأحمد ، والكافي ، والتلخيص ، والبلغة ، والوجيز ، والحاوي الكبير ، وتجريد العناية ، والإفادات ، والمنتخب واختاره ابن عبدوس في تذكرته . وقدمه في الرعايتين ، والقواعد الفقهية ، وعنه يقدم من اختاره الجماعة على القرعة قدمه ابن تميم ، والفائق وجزم به في المبهج ، والإيضاح ، والنظم .

قال في المغني ، والشرح : فإن استووا في التقوى أقرع بينهم نص عليه فإن كان أحدهما يقوم بعمارة المسجد وتعاهده ، فهو أحق به وكذلك إن رضي الجيران أحدهما دون الآخر . قال الزركشي : فإن استووا في التقوى والورع قدم أعمرهم للمسجد وما رضي به الجيران أو أكثرهم فإن استووا في القرعة قال في مجمع البحرين : ثم بعد الأتقى من يختاره الجيران أو أكثرهم ، لمعنى مقصود شرعا ، ككونه أعمر للمسجد ، أو أنفع لجيرانه ونحوه مما يعود بصلاح المسجد وأهله ، ثم القرعة . انتهى . وأطلقهما في المستوعب ، والحاوي الصغير ، والفروع . [ ص: 248 ] فعلى الرواية الثانية : لو اختلفوا في اختيارهم عمل باختيار الأكثر فإن استووا فقيل : يقرع . قلت : وهو أولى ، وقيل : يختار السلطان الأولى ، وأطلقهما في الفروع فعلى القول باختيار السلطان : لا يتجاوز المختلف فيهما ، على الصحيح من المذهب قدمه في الرعاية الكبرى ، وقيل : للسلطان أن يختار غيرهما ، ذكره في الرعاية ، وهما احتمالان مطلقان في الفروع .

تنبيه : قولي في الرواية الثانية ( من اختاره الجماعة ) هكذا قال في الفروع ومختصر ابن تميم وغيرهما ، وقال في الرعاية الكبرى : من رضيه وأراده المصلون ، وقيل : الجماعة ، وقيل : الجيران ، وقيل : أكثرهم .

تنبيه : ظاهر كلام المصنف وغيره : أن القرعة بعد الأتقى والأورع ، أو من تختاره الجماعة على الرواية الأخرى ، وهو صحيح ، وقيل : يقدم بحسن خلقه جزم به في الرعاية في موضع ، وكذلك ابن تميم ، وقيل : يقدم أيضا بحسن الخلقة ، وأطلقهما ابن تميم .

فائدة : تحرير الصحيح من المذهب في الأولى بالتقديم في الإمامة فالأولى : الأقرأ جودة ، العارف فقه صلاته ثم القارئ كذلك ثم الأفقه ثم الأسن ثم الأشرف ثم الأقدم هجرة ، والأسبق بالإسلام ثم الأتقى والأورع ثم من يختاره الجيران ، ثم القرعة ، واعلم أن الخلاف إنما هو في الأولوية ، لا في اشتراط ذلك ووجوبه ، على الصحيح من المذهب ، وعليه الأكثر ، وقطعوا به ونص عليه ، ولكن يكره تقديم غير الأولى ، ويأتي بأتم من هذا قريبا . [ ص: 249 ]

قوله ( وصاحب البيت ، وإمام المسجد أحق بالإمامة ) يعني أنهما أحق بالإمامة من غيرهما ممن تقدم ذكره ، إذا كان ممن تصح إمامته ، قاله في مجمع البحرين ، والزركشي وغيرهما قال في الرعاية : قلت : إن صلحا للإمامة بهم مطلقا ، وإن كان أفضل منهما فهذا المذهب ، وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم ، وقال ابن عقيل : هما أحق من غيرهما مع التساوي ووجه في الفروع أنه يستحب لهما أن يقدما أفضل منهما .

فائدة : لهما تقديم غيرهما ، ولا يكره نص عليه ، وعنه يكره تقديم أبويهما مطلقا ، فغيرهما أولى أن يكره وكذا الخلاف في إذن من استحق التقديم غيرهما ، ويأتي قريبا بأعم من هذا .

التالي السابق


الخدمات العلمية