الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( قال : آخر عبد أملكه فهو حر فملك عبدا فمات الحالف لم يعتق ) إذ لا بد للآخر من الأول بخلاف العكس كالبعد لا بد له من قبل بخلاف القبل ( فلو اشترى ) الحالف المذكور ( عبدا ثم عبدا ثم مات ) الحالف ( عتق ) الثاني [ ص: 806 ] ( مستندا إلى وقت الشراء ) فيعتبر من كل المال لو الشراء في الصحة وإلا فمن الثلث ، وعليه فلا يصير فارا لو علق البائن بالآخر خلافا لهما .

وأما الوسط ففي البدائع : أنه لا يكون إلا في وتر فثاني الثلاثة وسط وكذا ثالث الخمسة وهكذا .

التالي السابق


( قوله فمات الحالف ) وكذا لا يعتق لو لم يمت بالأولى لأنه ما دام حيا يحتمل أن يملك غيره ( قوله إذ لا بد للآخر من الأول إلخ ) قال في الفتح : وهذه المسألة مع التي تقدمت تحقق أن المعتبر في تحقق الآخرية وجود سابق بالفعل وفي الأولية عدم تقدم غيره لا وجود آخر متأخر عنه ، وإلا لم يعتق المشتري في قوله أول عبد أشتريه فهو حر إذا لم يشتر بعده غيره . ا هـ . ( قوله بخلاف القبل ) فإذا قلت : جاء زيد قبل لا يقتضي مجيء أحد بعده فإن معناه أن أحدا لم يتقدمه في المجيء ط .

قلت : والظاهر أن هذا فيما إذا كان قبل منصوبا منونا وإلا فهو مضاف تقديرا إلى شيء وجد بعده إلا أن يقال إنه لا يلزم وجوده بعده ولو صرح بالمضاف إليه كجئت قبل زيد فليتأمل ( قوله ثم مات الحالف ) قيد به لأنه لا يعلم أن الثاني آخر إلا بموت المولى ، لجواز أن يشتري غيره فيكون هو الآخر بحر .

قلت : وهذا إذا تناولت اليمين غير هذا العبد وكانت على فعل لا يوجد بعد موت المولى ، ولم يؤقت وقتا لما في شرح الجامع الكبير لو قال لامرأتين : آخر امرأة أتزوجها منكما طالق فتزوج امرأة ثم الأخرى طلقت الثانية في الحال لاتصافها بالآخرية في الحال ، واليمين لم يتناول غيرها ، ولو قال لعشرة أعبد آخركم تزوجا حر فتزوج بإذنه عبد ثم عبد ثم تزوج الأول أخرى ثم مات المولى لم يعتق واحد منهم لأن بموته لم يتحقق الشرط لاحتمال أن يتزوج آخر بعد موت المولى ، فلم يكن آخرهم إلا إذا تزوج كلهم بإذنه فيعتق العاشر في الحال بلا توقف على موت المولى لأنه آخرهم ولا يتوهم زوال وصف الآخرية عنه وكذا لو ماتوا قبله سوى المتزوجين فيعتق الذي تزوج مرة ولو قال آخركم تزوجا اليوم حر عتق الثاني الذي تزوج مرة بمضي اليوم دون الأول الذي تزوج [ ص: 806 ] مرتين لأنه اتصف بالأولية فلا يتصف بالآخرية ا هـ ملخصا وتمامه فيه ( قوله مستندا إلى وقت الشراء ) هذا عنده وعندهما يقع مقتصرا على حالة الموت ، فيعتبر من الثلث على كل حال لأن الآخرية لا تثبت إلا بعدم شراء غيره بعده ، وذلك يتحقق بالموت فيقتصر عليه .

وله أن الموت معرف فأما اتصافه بالآخرية فمن وقت الشراء فيثبت مستندا بحر ( قوله لو علق البائن بالآخر ) كقوله : آخر امرأة أتزوجها فهي طالق ثلاثا ، فعنده يقع منذ تزوجها وإن كان دخل بها فلها مهر بالدخول بشبهة ونصف مهر بالطلاق قبل الدخول وعدتها بالحيض بلا حداد ولا ترث منه وعندهما يقع عند الموت وترث لأنه فار ولها مهر واحد وعليها العدة أبعد الأجلين من عدة الطلاق والوفاة وإن كان الطلاق رجعيا فعليها الوفاة وتحد كما في البحر ( قوله وأما الوسط إلخ ) فإذا اشترى ثلاثة أعبد متفرقين ثم مات عتق الثاني عند الموت عندهما ، وعند الإمام عتق مستندا إلى وقت شراء الثالث لأنه اكتسب اسم الوسط في نفس الأمر عند شراء الثالث ، وعرفنا ذلك بموت السيد قبل أن يشتري رابعا وأما قبل الثالث فلم يكتسب الثاني اسم الوسط لا عندنا ولا في نفس الأمر ، فلا يستند العتق إلى وقت شراء الثاني ، بخلاف ما إذا قال : آخر عبد أملكه فهو حر ، ثم اشترى عبدين متفرقين ، ثم مات حيث يعتق الثاني مستندا إلى وقت شرائه عند الإمام لأنه اكتسب اسم الآخر بالشراء في نفس الأمر ، وعرفنا ذلك بموت السيد قبل أن يشتري عبدا آخر هذا ما ظهر لي فتأمل وراجع . ا هـ . ح .

قلت : وهو بحث جيد والقواعد له تؤيد وفي التلخيص وشرحه للفارسي : لو قال كل مملوك أملكه حر إلا الأوسط فملك عبدا عتق في الحال لامتناع الأوسطية فيه حالا ومآلا فلو ملك ثانيا ثم ثالثا لم يعتق واحد منهما لأن الثاني صار أوسط بشراء الثالث ، والثالث يحتمل أن يصير أوسط بملك خامس وإنما يعتق الثاني إذا انتفت عنه الأوسطية بأن ملك رابعا فيعتق حين ملك الرابع وهلم جرا ، والأوسطية تزول بموت المولى عن شفع كالاثنين والأربعة والستة وتتحقق بموته عن وتر كثلاثة أو خمسة أو سبعة ونحوها فيعتقون إلا أوسطهم وتمامه هناك




الخدمات العلمية