الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وفي طالق تطليقة حسنة في دخولك الدار إن رفع حسنة تنجز وإن نصبها تعلق . وسأل الكسائي محمدا عمن قال لامرأته : فإن ترفقي يا هند فالرفق أيمن وإن تخرقي يا هند فالخرق أشأم [ ص: 264 ]     فأنت طلاق والطلاق عزيمة
ثلاث ومن يخرق أعق وأظلم كم يقع ؟ فقال : إن رفع ثلاثا فواحدة ، وإن نصبها فثلاث ، وتمامه في المغني وفيما علقناه على الملتقى

التالي السابق


( قوله إن رفع إلخ ) الفرق أنه على الرفع يكون نعتا للمرأة فاصلا ، وعلى النصب يكون نعتا للتطليقة ، فلم يكن فاصلا نهر عن المحيط : أي وإذا لم يكن فاصل أجنبي لم يكن قوله في دخولك مستأنفا بل يتعلق بطالق فيتقيد به ( قوله وسأل الكسائي محمدا إلخ ) أشار به إلى رد ما ذكره ابن هشام في المغني من باب الأول من بحث اللام : أنه كتب الرشيد إلى أبي يوسف يسأله عن ذلك ، فقال : هذه مسألة نحوية فقهية ولا آمن من الخطأ إن قلت فيها ، فسألت الكسائي فقال : إن رفع ثلاثا طلقت واحدة لأنه قال أنت طلاق ثم أخبر أن الطلاق التام ثلاث ، وإن نصبها طلقت ثلاثا لأن معناه أنت طالق ثلاثا ، وما بينهما جملة معترضة ا هـ ملخصا . قال في الفتح : وهو بعد كونه غلطا بعيد عن معرفة مقام الاجتهاد ، فإن من شرطه معرفة العربية وأساليبها " لأن الاجتهاد يقع في الأدلة السمعية العربية . والذي نقله أهل الثبت من هذه المسألة عمن قرأ الفتوى حين وصلت خلافه ، وأن المرسل الكسائي إلى محمد بن الحسن ، ولا دخل لأبي يوسف أصلا ولا الرشيد ولمقام أبي يوسف أجل من أن يحتاج في مثل هذا التركيب مع إمامته واجتهاده وبراعته في التصرفات من مقتضيات الألفاظ . ففي المبسوط : ذكر ابن سماعة أن الكسائي بعث إلى محمد بفتوى فدفعها إلي فقرأتها عليه ، فكتب في جوابه ما مر ، فاستحسن الكسائي جوابه . ا هـ . وذكر ح عن حاشية المغني للجلال السيوطي أن هذا هو المروي في تاريخ الخطيب البغدادي ( قوله فإن ترفقي إلخ ) بعد هذين البيتين بيت ثالث وهو قوله : [ ص: 264 ] فبيني بها إن كنت غير رفيقة وما لامرئ بعد الثلاث مقدم قال في النهر : وفي شرح الشواهد للجلال : الرفق ضد العنف ، يقال رفق بفتح الفاء يرفق بضمها . والخرق : بالضم وسكون الراء الاسم ; من خرق بالكسر يخرق بالفتح خرقا بفتح الخاء والراء : وهو ضد الرفق وفي القاموس أن ماضيه بالكسر كفرح وبالضم ككرم وأيمن من اليمين : وهو البركة ، وأشأم من الشؤم : وهو ضد اليمين . وذكر ابن يعيش أن في البيت الثاني حذف الفاء والمبتدأ ، أي فهو أعق وإن تعليلة واللام مقدرة : أي لأجل كونك غير رقيقة ، والمقدم مصدر ميمي من قدم بمعنى تقدم : أي ليس لأحد تقدم إلى العشرة والألفة بعد تمام الثلاث ، إذ بها تمام الفرقة . ا هـ . مطلب في قول الشاعر فأنت طلاق والطلاق عزيمة ( قوله فأنت طلاق ) يقال فيه ما قيل في : زيد عدل ط ( قوله والطلاق عزيمة ) أي معزوم عليه ليس بلغو ولا لعب نهر ( قوله وتمامه في المغني ) حيث قال : أقول : وإن الصواب أن كلا من الرفع والنصب محتمل لوقوع الثلاث والواحدة ، أما الرفع فلأن الـ في والطلاق إما لمجاز الجنس ك : زيد الرجل : أي هو الرجل المعتد به ، وإما للعهد الذكري أي وهذا الطلاق المذكور عزيمة ثلاث ، فعلى العهدية تقع الثلاث ، وعلى الجنسية تقع واحدة . وأما النصب فإنه يحتمل أن يكون على المفعول المطلق فيقتضي وقوع الثلاث ، إذ المعنى فأنت طالق طلاقا ثلاثا ثم اعترض بينهما بقوله : والطلاق عزيمة وأن يكون حالا من المستتر في عزيمة وحينئذ لا يلزم وقوع الثلاث لأن المعنى والطلاق عزيمة إذا كان ثلاثا بل يقع ما نواه ، هذا ما يقتضيه اللفظ . والذي أراده الشاعر الثلاث لقوله فبيني بها إلخ . ا هـ . وذكر في الفتح أن الظاهر في النصب المفعول المطلق ، وفي الرفع العهد الذكري فيقع الثلاث ، ولذا ظهر من الشاعر أنه أراده .




الخدمات العلمية