الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 679 ] ( ولو حرره على خدمته حولا ) مثلا كأعتقتك على أن تخدمني سنة ( فقبل عتق في الحال ) وفي إن خدمتني سنة فأنت حر لا يعتق إلا بالشرط ، فلو خدمه أقل منها أو عوضه عنها أو قال إن خدمتني وأولادي فمات بعض أولاده لا يعتق ; لأن إن للتعليق ، وعلى للمعاوضة ( وخدمه ) الخدمة المعروفة بين الناس ( مدته ) أيا كانت ( فإن ) جهلت أو ( مات هو ) ولو حكما كعمى ( أو مولاه قبلها ) ولو خدم بعضها فبحسابه ( تجب قيمته ) فتؤخذ منه للورثة أو من تركته للمولى . وعند محمد تجب قيمة خدمته ، وبه نأخذ حاوي . وهل نفقة عياله لو فقيرا على مولاه في المدة كالموصى له بالخدمة أو يكتسب للإنفاق حتى يستغنى ثم يخدم المولى كالمعسر ؟ بحث في البحر الثاني والمصنف الأول [ ص: 680 ] ( كبيع عبد منه بعين ) كبعتك نفسك بهذا العين ( فهلكت ) أو استحقت ( تجب قيمته ) وعند محمد قيمتها . .

التالي السابق


( قوله ولو حرره على خدمته ) أي خدمة العبد للمولى أو لغيره أفاده في النهر ( قوله فقبل ) أي في المجلس در منتقى ( قوله عتق في الحال ) ; لأن الإعتاق على الشيء يشترط فيه وجود القبول في المجلس لا وجود المقبول كسائر العقود بحر ( قوله وفي إن خدمتني إلخ ) تقدم أنه إن علق بإن تقيد أداؤه بالمجلس ، ولعل الفرق أن أداء المال ممكن في المجلس فيتقيد به ، والخدمة سنة لا يمكن تحصيلها فيه فلم تقتصر على المجلس ، ولو علقها بإن فلينظر . ا هـ شرنبلالية ( قوله لا يعتق إلا بالشرط ) أي لا يتوقف على القبول ، بل لا بد من وجود الشرط وهو الخدمة ; لأنه تعليق لا معاوضة ، بخلاف مسألة المتن .

( قوله فلو خدمه أقل منها ) أي ولو لعجزه عنها بمرض أو حبس فيما يظهر ( قوله ; لأن إن للتعليق إلخ ) بيان لوجه الفرق بين ما في المتن وما في الشرح ، حيث توقف الأول على القبول فقط والثاني على الشرط فقط ( قوله وخدمه ) يعني من ساعته بحر : أي إن ابتداء المدة من وقت الحلف ( قوله الخدمة المعروفة ) عبارة كافي الحاكم : والخدمة خدمة البيت المعروفة بين الناس . ا هـ . والظاهر أن المراد خدمة مصالح البيت ، لكن تختلف باختلاف المولى ; فلو كان صاحب حرفة أو زراعة في عمله حيث كان معروفا تأمل ، وصرحوا في الإجارة بأنه لو استأجره للخدمة يخدمه في الحضر لا السفر ; لأن خدمة السفر أشق .

( قوله أيا كانت ) أي سنة أو أقل أو أكثر بحر : أي المدة المشروطة ( قوله أو مات هو ) أي العبد ( قوله ولو حكما ) المراد به أن يصير بحالة لا يمكن فيها الخدمة ، وهذا بحث لصاحب البحر ، وتبعه أخوه في النهر ( قوله قبلها ) أي الخدمة متعلق بمات بصورتيه ط ( قوله ولو خدم بعضها فبحسابه ) كسنة من أربع سنين ثم مات فعندهما عليه ثلاثة أرباع قيمته ، وعند محمد قيمة خدمته ثلاث سنين بحر عن شرح الطحاوي ( قوله فتؤخذ منه للورثة ) أي لورثة المولى . وقال عيسى بن أبان : بل يخدمهم ما بقي منها ; لأنها دين فيخلفه وارثه فيه كما لو أعتقه على ألف فاستوفى بعضها ومات ، لكن في ظاهر الرواية لا يخدمهم ; لأن الخدمة منفعة وهي لا تورث ، أو لأن الناس يتفاوتون فيها ، وتمامه في البحر .

( قوله حاوي ) المراد به الحاوي القدسي ، نقله عنه في البحر والنهر وأقراه ( قوله وهل نفقة عياله إلخ ) هذه حادثة سئل عنها في البحر ولم يجد لها نقلا . قلت : وهذا خاص بمسألة المعاوضة كما هو صورة الحادثة ، أما في مسألة التعليق فلا شبهة في أن نفقته على سيده ; لأنه باق على ملكه إلى انتهاء مدة الخدمة ( قوله حتى يستغني ) أي عن الاكتساب ( قوله بحث في البحر الثاني ) وقال ; لأنه الآن معسر عن أداء البدل ، فصار كما إذا أعتقه على مال ولا قدرة له عليه فإنه يؤخر إلى الميسرة وأقره في النهر ( قوله والمصنف الأول ) حيث قال : ويمكن أن يقال بوجوبها على المولى في المدة المذكورة ويجعل كالموصى له بالخدمة ، فإن النفقة واجبة عليه ، وإن لم يكن له ملك الرقبة لكونه محبوسا بخدمته ، والحبس هو الأصل [ ص: 680 ] في هذا الباب أصله القاضي والمفتي ، فإن مرض فينبغي أن تفرض في بيت المال ، بخلاف الموصى بخدمته إذا مرض فإن نفقته على مولاه . ا هـ . واعترضه ح بأنه قياس مع الفارق ، فإن الموصى به يخدم الموصى له لا في مقابلة شيء فلذا كانت نفقته عليه أما هذا فإنه يخدم في مقابلة رقبته فكان كالمستأجر تأمل . ا هـ . وكذا اعترضه الخير الرملي بأن الموصى بخدمته رقيق محبوس في خدمة الموصى له وليست الخدمة بدل شيء فيه ، وما نحن فيه هو حر قادر على الكسب فكيف نوجب نفقته ونفقة عياله على معتقه بسبب دين واجب له عليه ; فإن الخدمة هنا بمنزلة الدين لما في التتارخانية عن الأصل إذا قال : أنت حر على أن تخدمني سنة فقبل العبد فهو كما لو قال أنت حر على ألف درهم فقبل . ا هـ وقد صرحوا قاطبة بأنها بدل في هذا المحل تأمل . ا هـ . ( قوله كبيع عبد منه ) أي من العبد ، يعني أن الخلاف المار مبني على الخلاف في مسألة أخرى وهي ما إذا باع نفس العبد منه بجارية بعينها ثم استحقت أو هلكت قبل تسليمها يرجع عليه بقيمة نفسه عندهما ، وعند محمد بقيمة الجارية ، وتمامه في الهداية وغيرها . قال في الفتح : ولا يخفى أن بناء هذه على تلك ليس بأولى من عكسه ، بل الخلاف فيهما معا ابتدائي .




الخدمات العلمية