الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) حنث ( في لا يؤم أحدا باقتداء قوم به بعد شروعه وإن ) وصلية [ ص: 830 ] ( قصد أن لا يؤم أحدا ) لأنه أمهم ( وصدق ديانة ) فقط ( إن نواه ) أي أن لا يؤم أحدا ( وإن أشهد قبل شروعه ) أنه لا يؤم أحدا ( لا يحنث مطلقا ) لا ديانة ولا قضاء وصح الاقتداء ولو في الجمعة استحسانا ( كما ) لا حنث ( لو أمهم في صلاة الجنازة أو سجدة التلاوة ) لعدم كمالها ( بخلاف النافلة ) فإنه يحنث وإن كانت الإمامة في النافلة منهيا عنها .

[ فروع ]

إن صليت فأنت حر فقال صليت وأنكر المولى لم يعتق لإمكان الوقوف عليها بلا حرج .

قال : إن تركت الصلاة فطالق فصلتها قضاء طلقت على الأظهر ظهيرية .

حلف ما أخر صلاة عن وقتها وقد نام فقضاها استظهر الباقاني عدم حنثه لحديث { فإن ذلك وقتها } .

اجتمع حدثان فالطهارة منهما .

[ ص: 831 ] حلف ليصلين هذا اليوم خمس صلوات بالجماعة ويجامع امرأته ، ولا يغتسل يصلي الفجر والظهر والعصر بجماعة ثم يجامعها ثم يغتسل كلما غربت ويصلي المغرب والعشاء بجماعة فلا يحنث .

التالي السابق


( قوله بعد شروعه ) متعلق باقتداء ( قوله وإن وصلية ) لكن الذي في نسخ المتن المجردة صدق بلا واو فتكون إن شرطية وجوابها صدق . [ ص: 830 ] مطلب حلف لا يؤم أحدا

( قوله لأنه أمهم ) أي في الظاهر قال في الظهيرية وقصده أن لا يؤم أحدا أمر بينه وبين الله تعالى ثم قال وذكر الناطفي أنه إذا نوى أن لا يؤم أحدا فصلى خلفه رجلان جازت صلاتهما ، ولا يحنث لأن شرط الحنث أن يقصد الإمامة ولم يوجد . ا هـ . وظاهره أنه لا يحنث قضاء أيضا ففي المسألة قولان ، ويظهر لي الثاني لأن شروعه وحده أولا ظاهر في أنه لم يرد الإمامة ، وصحة اقتدائهم به لا يلزم منها نيته ولذا لو أشهد لم يحنث مع صحة اقتدائهم لأن نية الإمام الإمامة شرط لحصول الثواب له لا لصحة الاقتداء ( قوله ولو في الجمعة ) لأن الشرط فيها الجماعة وقد وجد فتح . وعبارة البحر عن الظهيرية : وكذلك لو صلى هذا الحالف بالناس الجمعة ، فهو على ما ذكرنا ا هـ ومقتضاه أنه إن أشهد لا يحنث أصلا وإلا حنث قضاء لا ديانة إن نوى لكن في البزازية ولو أشهد قبل دخوله في الصلاة في غير الجمعة أن يصلي لنفسه لم يحنث ديانة ولا قضاء ا هـ ومفهومه أنه في الجمعة يحنث قضاء وإن أشهد ، ولعل وجهه أن الجماعة شرط فيها فإقدامه عليها ظاهر في أنه أم فيها تأمل ( قوله لعدم كمالها ) قال في الظهيرية : لأن يمينه انصرفت إلى الصلاة المطلقة ا هـ أي والمطلقة هي الكاملة ذات الركوع والسجود وما بحثه في الفتح من أنه ينبغي إذا أم في الجنازة إن أشهد صدق فيهما ، وإلا ففي الديانة خلاف المنقول كما في النهر .

قلت : وبحث الفتح وجيه إلا إذا حلف أن لا يؤم أحدا في الصلاة فتنصرف الصلاة إلى الكاملة أما بدون ذكر الصلاة فالإمامة موجودة في الجنازة تأمل ( قوله فإنه يحنث ) أي على التفصيل المار كما هو ظاهر ( قوله منهيا عنها ) أي إذا كانت على وجه التداعي وهو أن يقتدي أربعة بواحد ط ( قوله لإمكان الوقوف عليها ) أي فكان القول للمولى لإنكاره شرط العتق بخلاف نحو المحبة والرضا من الأمور القلبية ; فإن القول فيها للمخبر عنها ( قوله طلقت على الأظهر ) الظاهر أن هذا في عرفهم وفي عرفنا تارك الصلاة من لا يصلي أصلا . ا هـ . ح ( قوله استظهر الباقاني إلخ ) هو أحد القولين ومبنى الثاني على انصراف الوقت إلى الأصلي كما في الفتح وهو الموافق العرف كما أفاده ح لكن قد يقال : لا تأخير من النائم فالأظهر ما في البزازية من أن الصحيح أنه إن كان نام قبل دخول الوقت وانتبه بعده لا يحنث وإن كان نام بعد دخوله حنث ( قوله اجتمع حدثان فالطهارة منهما ) أي مطلقا كجنابتين من امرأتين أو جنابة وحيض أو بول ورعاف . قال في البحر : فلو حلف لا يغتسل من امرأته هذه فأصابها ثم أصاب أخرى أو بالعكس ثم اغتسل فهو منهما وحنث . وكذا لو حلفت لا تغتسل من جنابة أو من حيض فأجنبت وحاضت ثم اغتسلت فهو منها وقال الجرجاني : هو من الأول اتحد الجنس أو لا كبول ورعاف وقال أبو جعفر : إن اتحد فمن الأول وإلا فمنهما . وقال الزاهد عبد الكريم كنا نظن أن الوضوء

[ ص: 831 ] من أغلظهما وإن استويا فمنهما ، وقد وجدنا الرواية عن أبي حنيفة أنه منهما فرجعنا إلى قوله ا هـ ملخصا وثمرة الخلاف تظهر فيما لو حلف : لا يتوضأ من الرعاف فرعف ثم بال فتوضأ حنث بلا خلاف ، وإن بال أولا ثم رعف وتوضأ فعلى قول الجرجاني لا يحنث وعلى ظاهر الجواب وقول أبي جعفر يحنث تتارخانية : قلت : وبه علم أن ما جزم به الشارح هو ظاهر الرواية ( قوله يصلي الفجر إلخ ) كذا أجاب ابن الفضل حين سئل عنه فقال ينبغي أن يصلي الفجر إلخ قال ح : وفيه أنه إن كان المراد باليوم بقية النهار إلى الغروب فكيف يبر بثلاث صلوات فيه ، وإن كان المراد منه ما يشمل الليلة بقرينة الخمس صلوات ، فما الحاجة إلى مجامعتها قبل الغروب ، على أن قوله بجماعة لا دخل له في الألغاز فتأمل . ا هـ .

قلت : لعل وجهه أن يمينه بظاهرها معقودة على بقية النهار ، وبذكره الخمس احتمل أنه أراد ما يشمل الليل فإذا جامع واغتسل نهارا يحنث يقينا وكذا لو جامع واغتسل ليلا لأنه وجد شرط الحنث على كلا الاحتمالين لأنه في النهار لم يجامع وفي الليل قد اغتسل وقد حلف أنه يجامع ولا يغتسل .

أما إذا جامع في النهار واغتسل بعد الغروب فإنه على احتمال كون المراد بقية اليوم لم يوجد شرط الحنث ، وعلى الاحتمال الآخر وجد فلا يحنث بالشك ، وأما التقييد بالجماعة فهو لتأكيد كون الخمس هي المكتوبة .

ثم ظهر لي جواب آخر وهو أن يقال : إنها انعقدت على النهار فقط ، لكن لما لم يمكنه أداء الخمس في النهار انصرفت إلى ما يتصور شرعا وهو أداء الكل في أوقاتها كما مر فيما لو حلف على تزوج محرمه فتزوجها حنث لأن يمينه تنصرف إلى ما يتصور وحينئذ فلا يبر إلا إذا صلى كل صلاة في وقتها وجامع قبل الغروب واغتسل بعده إذ لو جامع واغتسل نهارا حنث لأنه حلف أن لا يغتسل في هذا اليوم وإن كانا في الليل حنث أيضا لأنه حلف أن يجامع في النهار وأظن أن هذا الوجه هو المراد وبه يندفع الإيراد فافهم ، والله سبحانه أعلم .




الخدمات العلمية