الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( لو اكترى لحمل مائة رطل حنطة فحمل مائة شعيرا أو عكس ) لأنها لثقلها تجمع بمحل واحد وهو لخفته يأخذ من ظهر الدابة أكثر فاختلف ضررهما وكذا كل مختلفي الضرر كحديد وقطن ونازع فيه الأذرعي وأطال إذ لا فرق بينهما عرفا ( أو ) اكترى ( لعشرة أقفزة شعير ) جمع قفيز مكيال يسع اثني عشر صاعا ( فحمل ) عشرة أقفزة ( حنطة ) لأنها أثقل ( دون عكسه ) بأن اكتراه لحمل عشرة أقفزة حنطة فحمل عشرة أقفزة شعيرا من غير زيادة أصلا فلا يضمن لاتحاد جرمهما باتحاد كيلهما مع أن الشعير أخف ( ولو اكترى لحمل مائة فحمل ) بالتشديد ( مائة وعشرة لزمه ) مع المسمى ( أجرة المثل للزيادة ) لتعديه بها [ ص: 184 ] ومثل لها بالعشرة ليفيد اغتفار نحو الاثنين مما يقع التفاوت به بين الكيلين ( وإن تلفت بذلك ) المحمول أو بسبب آخر ( ضمنها ) ضمان يد ( إن لم يكن صاحبها معها ) لأنه صار غاصبا لها بحمل الزيادة

                                                                                                                              ( فإن كان ) صاحبها معها وتلفت بسبب الحمل دون غيره ؛ لأن اليد هنا للمالك فكان الضمان للجناية فقط ( ضمن قسط الزيادة ) لاختصاص يده بها ومن ثم لو سخره مع دابته فتلفت لم يضمنها المسخر لتلفها في يد صاحبها ( وفي قول ) يضمن ( نصف القيمة ) توزيعا على الرءوس كجرح من واحد وجراحات من آخر وأجيب بتيسر التوزيع هنا لا ثم لاختلاف نكاياتها باطنا ( ولو سلم المائة والعشرة إلى المؤجر فحملها ) بالتشديد ( جاهلا ) بالزيادة كأن قال له هي مائة فصدقه ( ضمن المكتري ) القسط نظير ما مر وأجرة الزيادة ( على المذهب ) إذ المكري لجهله صار كالآلة له أما العالم فكما في قوله ( ولو ) وضع المكتري ذلك بظهرها فسيرها المؤجر أو ( وزن المؤجر وحمل ) بالتشديد ( فلا أجرة للزيادة ) وإن غلط وعلم بها المستأجر ؛ لأنه لم يأذن في حملها بل له مطالبة المؤجر بردها لمحلها وليس له ردها بدون إذن وإذا تلفت ضمنها ولو وزن المؤجر أو كال وحمل المستأجر [ ص: 185 ] فكما لو كال بنفسه إن علم وكذا إن جهل كما اقتضاه كلام المتولي ( ولا ضمان ) على المستأجر ( إن تلفت ) الدابة إذ لا يد ولا تعدي بنقل ولو قال له المستأجر احمل هذا الزائد فكمستعير فيضمن القسط من الدابة إن تلفت بغير المحمول دون منفعتها .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله في المتن لزمه أجرة المثل للزيادة ) قال في شرح الروض وهذا بخلاف ما لو اكترى مكانا لوضع أمتعة فيه فزاد عليها فإنه إن كان أرضا فلا شيء عليه لعدم [ ص: 184 ] الضرر وإن كان غرفة فطريقان أحدهما أنه يخير المؤجر بين المسمى وأجرة المثل الزائد وبين أجرة المثل للكل وثانيهما قولان أحدهما له المسمى وأجرة المثل للزائد والثاني أجرة المثل للكل نقله الزركشي عن الجرجاني والروياني وقياس ما مر في مسألة الدابة ترجيح القول الأول من الطريق الثاني فإن قلت قياس ما مر فيما إذا استأجر أرضا لزرع حنطة فزرع ذرة من أنه يتخير بين أجرة مثل الذرة والمسمى مع أجرة الزائد من ضرر الذرة أن يقال بمثله في هذه وفي مسألة الدابة قلت الفرق أنه ثم عدل عن العين أصلا فساغ الخروج عن المسمى بالكلية بخلافه هنا ا هـ

                                                                                                                              وقضية فرقه أنه لو عدل عن العين أصلا كان كما هناك فليراجع ( قوله ومثل لها بالعشرة إلخ ) كذا ش م ر ( قوله ضمان يد ) اعتمده م ر ( قوله فكان الضمان للجناية فقط ) اعتمده م ر ( قوله ومن ثم لو سخره مع دابته فتلفت ) قال في شرح الروض قبل استعمالها ثم قال أما بعد استعمالها فهي معارة أخذا مما مر في العارية ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ولو وضع المكتري ذلك بظهرها فسيرها المؤجر ) ظاهره أنه لا أجرة مطلقا لكن في الروض ولو كاله المستأجر وحمله والدابة واقفة ثم سيرها المؤجر فكحمل المؤجر عليها قال في شرحه فلا أجرة له إن كان عالما إلا إن كان مغرورا ا هـ

                                                                                                                              ( قوله وليس له ردها بدون إذن ) قال في شرح الروض فلو استقل بردها قال الأذرعي فالظاهر أن للمستأجر تكليفه ردها إلى المكان المنقول [ ص: 185 ] إليه أولا ا هـ ثم قال في الروض وشرحه وللمستأجر مطالبته بالبدل لها في الحال للحيلولة إلخ ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فكما لو كال بنفسه إلخ ) كذا شرح م ر قال في شرح الروض فعليه أجرة حملها والضمان ا هـ ولعل هذا أعني قول الشارح فكما لو كال بنفسه إلخ إذا سيرها هو لا إذا سيرها المؤجر وإلا فلا أثر لتحميل المستأجر

                                                                                                                              ( قوله فكمستعير ) قد ينافيه حيث دل على ملك المؤجر ما زاد من منفعتها على ما يتعلق بالقدر الواجب وجواز تصرفه فيه حيث كان معيرا بالنسبة للزيادة ما صرحوا به من أن لمستأجر الدابة منع المؤجر من حمل شيء عليها كتعليق مخلاة ؛ لأنه استحق جميع منفعتها لدلالة هذا على عدم ملك المؤجر شيئا من المنفعة اللهم إلا أن تمنع المنافاة بأن المؤجر ملك زائد المنفعة لكنه ممنوع من التصرف فيه بما يزاحم حق المستأجر ، وإن لم يمنعه من الكلية بخلاف التصرف فيه مع المستأجر بإعارة لزيادة أو نحوها وقضيته جواز إجارتها له لزيادة وقد يلتزم فليحرر

                                                                                                                              ( قوله إن تلفت بغير المحمول ) بخلاف ما إذا تلفت به ؛ لأن هذه قضية العارية وعلى هذا التفصيل يحمل كما قاله شيخنا الشهاب الرملي قول الروض ضمن العشرة أيضا .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( لو اكترى لحمل مائة إلخ ) وفي سم عن الروض وشرحه ما نصه أو اكتراها ليركب بسرج فركب عريا أو عكسه ضمن ؛ لأن الأول أضر بها والثاني زيادة على المشروط أو ليركب بسرج فركب بإكاف ضمن إلا أن يكون مثل السرج أو أخف منه وزنا وضررا أو عكسه فلا يضمن إلا أن يكون أثقل من الإكاف أو ليحمل عليها بإكاف فحمل بسرج ضمن ؛ لأنه يشق عليها لا عكسه فلا يضمن إلا إن كان أثقل من السرج ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله كحديد وقطن ) ويبدل بالقطن الصوف والوبر ؛ لأنهما مثله في الحجم لا الحديد وبالحديد الرصاص والنحاس ؛ لأنهما مثله في الحجم مغني وروض مع شرحه ( قوله ونازع فيه ) أي في قياس ما ذكر على الحنطة والشعير ( قوله إذ لا فرق إلخ ) تعليل لقوله وكذا كل مختلفي الضرر إلخ و ( قوله بينهما ) أي بين اختلاف ضرري الحنطة والشعير واختلاف ضرري نحو الحديد والقطن

                                                                                                                              ( قوله بأن اكتراه ) الأولى التأنيث ( قوله من غير زيادة أصلا ) انظر هل هذا ينافي قضية قوله الآتي ومثل لها بالعشرة إلخ ( قوله لاتحاد جرمهما باتحاد كيلهما إلخ ) ولو ابتل المحمول وثقل بسبب ذلك ثبت للمكتري الخيار لما فيه من الإضرار به بدابته أخذا مما لو مات المستأجر قبل وصوله إلى المحل المعين حيث قالوا فيه لا يلزم المؤجر نقله لثقل الميت ا هـ ع ش قول المتن ( ولو اكترى لحمل إلخ ) ولو اكترى مكانا لوضع أمتعة فيه فزاد عليها نظرت فإن كان أرضا فلا شيء عليه وإن كان غرفة لزمه المسمى وأجرة المثل للزائد على قياس مسألة الدابة شرح الروض أي ومغني ا هـ سم ( قوله لحمل مائة ) ظاهره أن لفظة حمل من المتن والذي في المحلي والنهاية والمغني لمائة وقدرها الثاني بين اللام والمائة بطريق المزج وقال الثالث بعدها أي لحمل مائة رطل حنطة مثلا ا هـ

                                                                                                                              ( قوله بالتشديد ) الأولى [ ص: 184 ] كتابته عقب فحمل في الموضع الأول وقدر المغني عقب لو اكترى دابة وعقب فحمل في جميع المواضع عليها فحمله على التخفيف ( قوله ومثل لها ) أي للزيادة ( قوله ليفيد اغتفار إلخ ) هل هذا الاغتفار بالنسبة لعموم الأحكام حتى يحل له الإقدام على هذه الزيادة أو بالنسبة إلى الضمان فقط فإن قيل بالأول فلعل محله إذا دلت القرينة على رضا المؤجر بذلك كاطراد عرف بذلك ونحوه وإلا فمحل تأمل وإن قيل بالثاني فظاهر ا هـ سيد عمر ( قوله اغتفار نحو الاثنين إلخ ) فإنه لا أجرة له ولا ضمان بسببه ا هـ مغني ( قوله بين الكيلين ) أي أو الوزنين أسنى وغرر ( قوله فإنه كان صاحبها معها ) أي مع المكتري كما هو فرض المسألة ا هـ رشيدي ( قوله لأن اليد هنا إلخ ) تعليل لتقييد التلف بكونه بسبب الحمل دون غيره

                                                                                                                              ( قوله لاختصاص يده بها ) الظاهر أن الضمير في بها للزيادة على حذف مضاف أي بقسط الزيادة من الدابة إذ الفرض أنه معها كصاحبها كما مر ا هـ رشيدي ( قوله فتلفت إلخ ) أي قبل استعمالها أما بعد استعمالها فهي معارة أخذا مما مر في العارية كذا في شرح الروض سم وكردي زاد ع ش أقول ولعل المراد أنه باشر استعمالها كأن ركبها أما لو دفع له متاعا وقال له احمله فحمله عليها فلا ضمان لكونها في يد مالكها ثم رأيت الشارح م ر في باب العارية صرح بذلك فراجعه ا هـ وقوله أنه باشر استعمالها أي بإذن مالكها كما يفيده قوله السابق فهي معارة إلخ فإن استعملها بدون إذنه فهو غاصب لها ( قوله من آخر ) بالمد ( قوله لاختلاف نكاياتها إلخ ) أي لعدم انضباطها فقد تساوي بل تزيد باطنا نكاية جرح على نكاية جراحات ( قوله كأن قال له إلخ ) فإن لم يقل له المكتري شيئا فلا أجرة للزائد ولا ضمان ا هـ غرر

                                                                                                                              ( قوله أما العالم إلخ ) عبارة المغني وخرج بالجاهل العالم بالزيادة فإن قال له المستأجر احمل هذه الزيادة فأجابه فقد أعاره إياها لحمل الزيادة فلا أجرة لها وإن تلفت الدابة لا بسبب العارية ضمن القسط أما بسببها فلا ضمان كما علم من باب العارية وإن لم يقل له المستأجر شيئا فحكمه مذكور في قوله ولو وزن المؤجر إلخ ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ولو وضع المكتري ذلك بظهرها فسيرها إلخ ) ظاهره أنه لا أجرة مطلقا لكن في الروض أي والمغني ولو كاله المستأجر وحمله والدابة واقفة ثم سيرها المؤجر فكحمل المؤجر عليها قال في شرحه فلا أجرة له إن كان عالما لا إن كان مغرورا انتهى ا هـ سم وما نقله عن شرح الروض معلوم من قول المصنف المار آنفا بالأولى لاشتراكهما في المغرورية وزيادة ما هنا بتحميل المكتري ( قوله لأنه لم يأذن إلخ ) تعليل للمتن خاصة ا هـ رشيدي ( قوله وليس له ردها بدون إذن ) فلو استقل بردها قال الأذرعي فالظاهر أن للمستأجر تكليفه ردها إلى المكان المنقول إليه أولا شرح روض ا هـ سم

                                                                                                                              ( قوله أو كال وحمل المستأجر إلخ ) ولو كال أجنبي وحمل بلا إذن في الزيادة فهو غاصب للزائد وعليه أجرته للمؤجر ورده إلى المكان المنقول منه إن طالبه به المستأجر وعليه ضمان الدابة على التفصيل المذكور في المستأجر من غيبة صاحبها وحضرته على [ ص: 185 ] ما مر وإن حمل بعد كيل الأجنبي المائة والعشرة أحد المتكاريين أي العاقدين ففيه التفصيل السابق بين المغرور وعدمه وإن اختلفا في الزيادة أو قدرها فالقول قول المكتري بيمينه ؛ لأن الأصل عدم الزيادة ولو وجد المحمول على الدابة ناقصا عن المشروط نقصا يؤثر وقد كاله المؤجر حط قسطه من الأجرة إن كانت الإجارة في الذمة ؛ لأنه لم يف بالمشروط وكذا إن كانت إجارة عين ولم يعلم المستأجر النقص فإن علمه لم يحط شيء من الأجرة ؛ لأن التمكين من الاستيفاء قد حصل ، وذلك كاف في تقرير الأجرة أما النقص الذي لا يؤثر كالذي يقع به التفاوت بين الكيلين أو الوزنين فلا عبرة به مغني وروض مع شرحه

                                                                                                                              ( قوله فكما لو كال بنفسه إلخ ) أي فعليه أجرة حملها والضمان ا هـ شرح روض ولعل هذا أعني قول الشارح فكما لو كال بنفسه إلخ إذا سيرها هو لا إذا سيرها المؤجر وإلا فلا أثر لتحميل المستأجر ا هـ سم ( قوله إن تلفت بغير المحمول ) بخلاف ما إذا تلفت به ؛ لأن هذا قضية العارية ا هـ سم .




                                                                                                                              الخدمات العلمية