الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويشترط اختصاصهما بالربح ) فيمتنع شرط بعضه لثالث إلا أن يشرط عليه العمل معه فيكون قراضا بين اثنين نعم شرطه لقن أحدهما كشرطه لسيده ( واشتراكهما فيه ) ليأخذ المالك بملكه والعامل بعمله قيل لا حاجة لهذا ؛ لأنه يلزم من اختصاصهما به ا هـ ويرد بمنع اللزوم لاحتمال أن يراد باختصاصهما به أن لا يخرج عنهما ، وإن استأثر به أحدهما فتعين ذكر الاشتراك لزوال ذلك الإيهام .

                                                                                                                              ( فلو قال قارضتك على أن كل الربح لك فقراض فاسد ) ؛ لأنه خلاف مقتضى العقد وله أجرة المثل ؛ لأنه عمل طامعا ومن ثم اتجه أنه لو علم الفساد وأن لا شيء له لم يستحق شيئا ؛ لأنه غير طامع حينئذ [ ص: 89 ] ( وقيل ) هو ( قراض صحيح ) نظرا للمعنى ( وإن قال كله لي فقراض فاسد ) لما ذكر ولا أجرة له ، وإن علم الفساد أي وأنه لا أجرة له فيما يظهر ؛ لأنه لم يطمع في شيء ( وقيل ) هو ( إبضاع ) نظرا للمعنى أيضا والإبضاع بعث المال مع من يتجر له به تبرعا والبضاعة المال المبعوث وعلم من إثباتهم أجرة المثل تارة ونفيها أخرى صحة تصرفه وهو نظير ما مر في الوكالة الفاسدة لعموم الإذن ( وكونه معلوما بالجزئية فلو ) لم يعلم أصلا كأن ( قال ) قارضتك ( على أن لك فيه شركة أو نصيبا فسد ) لما فيه من الغرر ( أو ) على أن الربح ( بيننا فالأصح الصحة ويكون نصفين ) كما لو قال هذا بيني وبين فلان إذ المتبادر من ذلك عرفا المناصفة ( ولو قال لي النصف ) وسكت عما للعامل ( فسد في الأصح ) لانصراف الربح للمالك أصالة ؛ لأنه نماء ماله دون العامل فصار كله مختصا بالمالك ( وإن قال لك النصف ) وسكت عن جانبه ( صح على الصحيح ) لانصراف ما لم يشرط للمالك بمقتضى الأصل المذكور وإسناد كل ما ذكر للمالك مثال فلو صدر من العامل شرط مشتمل على شيء مما ذكر فكذلك كما هو ظاهر ( ولو ) علم لكن لا بالجزئية كأن ( شرط لأحدهما عشرة ) بفتح أوليه ( أو ربح صنف ) كالرقيق أو ربح نصف المال أو ربح أحد الألفين تميز أم لا ( فسد ) القرض سواء أجعل الباقي للآخر أم بينهما ؛ لأن الربح قد ينحصر في العشرة أو ذلك الصنف مثلا فيختص به أحدهما وهو مفسد

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : لأنه يلزم ) الضميران البارز والمستتر يرجعان لاسم الإشارة ش ( قوله ويرد بمنع اللزوم إلخ ) الظاهر أن الممنوع اللزوم القطعي إذ منع الظني مكابرة فإنه لا يفهم من قولنا اختصا بكذا إلا ثبوته لكل منهما ( قوله : لأنه عمل طامعا ) وسواء أعلم الفساد أم لا ؛ لأنه حينئذ طامع فيما أوجبه له الشرع خلافا لبعض المتأخرين شرح م ر ( قوله وأن لا شيء له ) مفهومه أنه لو علم الفساد دون هذا استحق وهو ظاهر ، وكذا يقال في قوله الآتي وأنه [ ص: 89 ] لا أجرة له فيما يظهر ( قوله ولا أجرة إن علم الفساد ) ، وإن ظن وجوبها شرح م ر وقول الشارح وأنه لا أجرة له مفهومه أن له الأجرة إن ظن ذلك وفيه نظر إذ لا اعتبار بظن لا منشأ له من الصيغة م ر ( قوله في المتن أو بيننا ) فالأصح الصحة ويكون نصفين قال في شرح الروض قال في الأنوار ، ولو قال على أن الربح بيننا أثلاثا فسد أي للجهل بمن له الثلث ومن له الثلثان . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فصار كله مختصا بالمالك ) يحتمل أن تجب الأجرة هنا على التفصيل السابق إذ ليس في الصيغة تصريح بنفيه عن العامل .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله فيمتنع ) إلى قوله ومن ثم في النهاية والمغني قال ع ش فرع سئلت عما يقع كثيرا من شرط جزء للمالك وجزء للعامل وجزء للمال أو الدابة التي يدفعها المالك للعامل ليحمل عليها مال القراض مثلا هل هو صحيح أم باطل والجواب أن الظاهر الصحة وكأن المالك شرط لنفسه جزأين وللعامل جزءا وهو صحيح . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لأنه يلزم ) الضميران البارز والمستتر يرجعان لاسم الإشارة ش . ا هـ سم ( قوله بمنع اللزوم ) أي القطعي إذ منع الظني مكابرة . ا هـ سم ( قوله واستأثر ) أي استقل . ا هـ ع ش ( قوله وأن لا شيء له ) مفهومه أنه إن علم الفساد دون هذا استحق وهو ظاهر ، وكذا يقال في قوله الآتي ، وأنه لا أجرة له فيما يظهر . ا هـ سم

                                                                                                                              ( قوله لم يستحق شيئا ) وفاقا لشروح المنهج والروض والبهجة وخلافا للنهاية ولإطلاق المغني والأنوار عبارة النهاية وله أجرة المثل ؛ لأنه عمل طامعا وسواء في ذلك أكان عالما بالفساد أم لا ؛ لأنه حينئذ طامع فيما أوجبه له الشرع من الأجرة خلافا لبعض المتأخرين . ا هـ قال الرشيدي قوله م ر أكان عالما بالفساد أي ، وإن ظن أن لا أجرة له كما يعلم مما سيأتي . ا هـ وقال ع ش قوله م ر خلافا لبعض المتأخرين أي ابن حج تبعا للشيخ في شرح منهجه . ا هـ [ ص: 89 ] قوله وقيل هو قراض إلخ ) في المتون المجردة والمغني والمحلى قرض بغير ألف وهو ظاهر . ا هـ سيد عمر

                                                                                                                              ( قوله لما ذكر ) أي من أنه خلاف مقتضى العقد ( قوله أي وأنه لا أجرة له إلخ ) خلافا للنهاية ولإطلاق المغني والأنوار عبارة النهاية ولا أجرة له ، وإن ظن وجوبها . ا هـ عبارة سم قوله وأنه لا أجرة إلخ مفهومه أن له الأجرة إذا ظن ذلك وفيه نظر إذ لا اعتبار بظن لا منشأ له من الصيغة م ر ا هـ قول المتن ( إبضاع ) أو توكيل بلا جعل ويجري الخلاف فيما لو قال أبضعتك على أن نصف الربح لك أو كله لك هل هو قراض فاسد أو إبضاع ، ولو قال خذه وتصرف فيه والربح كله لك فقرض صحيح أو كله فإبضاع ، ولو اقتصر على قوله أبضعتك فهو بمثابة تصرف والربح كله لي فيكون إبضاعا ، ولو دفع إليه دراهم وقال اتجر فيها لنفسك كان هبة لا قرضا في أصح الوجهين ، ولو قال خذ المال قراضا بالنصف مثلا صح في أحد وجهين رجحه الإسنوي أخذا من كلام الرافعي ، وعليه لو قال رب المال إن النصف لي فيكون فاسدا أو ادعى العامل العكس صدق العامل ؛ لأن الظاهر معه . ا هـ نهاية ، وكذا في المغني إلا أنه قال بدل قوله كان هبة لا قرضا إلخ حمل على قرض في أحد وجهين يظهر ترجيحه كما قاله بعض المتأخرين . ا هـ

                                                                                                                              قول المتن ( وكونه ) أي بشرط كون الإشراك في الربح و ( قوله بالجزئية ) أي كالنصف أو الثلث و ( قوله أن لك ) أي أولى . ا هـ مغني قول المتن ( شركة أو نصيبا ) أي أو جزءا أو شيئا من الربح أو على أن تخصني بدابة تشتريها من رأس المال أو تخصني بركوبها أو بربح أحد الألفين مثلا ، ولو كانا مخلوطين أو على أنك إن ربحت ألفا فلك نصفه أو ألفين فلك ربعه مغني ونهاية قال ع ش ومثل ذلك ما لو قال مشاطرة فلا يصح . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله كما لو قال ) إلى الفصل في النهاية ، وكذا في المغني إلا قوله وإسناد كل إلى المتن ( قوله كما لو قال إلخ ) ، ولو قال قارضتك على أن الربح بيننا أثلاثا لم يصح كما في الأنوار للجهل بمن له الثلث ومن له الثلثان أو قارضتك كقراض فلان وهما يعلمان أي عند العقد القدر المشروط صح ، وإلا فلا ، ولو قال قارضتك ولك ربع سدس العشر صح ، وإن لم يعلما قدره عند العقد لسهولة معرفته نهاية ومغني ( قوله فصار كله مختصا بالمالك ) يحتمل أن تجب الأجرة هنا على التفصيل السابق إذ ليس في الصيغة تصريح بنفيه عن المالك سم على حج . ا هـ ع ش ( قوله وهو مفسد ) ، ولو قال قارضتك ولم يتعرض للربح فسد القراض ؛ لأنه خلاف وضعه . ا هـ مغني .




                                                                                                                              الخدمات العلمية