الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ولو ضرب صيدا بسيف فقطعه نصفين يؤكل النصفان عندنا جميعا ، وهو قول إبراهيم النخعي ; لأنه وجد قطع الأوداج لكونها متصلة من القلب بالدماغ فأشبه الذبح فيؤكل الكل ، وإن قطع أقل من النصف فمات فإن كان مما يلي العجز لا يؤكل المبان عندنا ، وقال الشافعي : يؤكل .

                                                                                                                                ( وجه ) قوله أن الجرح في الصيد إذا اتصل به الموت فهو ذكاة اضطرارية وإنها سبب الحل كالذبح .

                                                                                                                                ( ولنا ) قول النبي عليه الصلاة والسلام { ما أبين من الحي فهو ميت } والمقطوع مبان من الحي فيكون ميتا وأما قوله : إن الجرح الذي اتصل به الموت ذكاة في الصيد فنعم لكن حال فوات الحياة عن المحل وعند الإبانة المحل كان حيا فلم يقع الفعل ذكاة له وعندما صار ذكاة كان الجزء منفصلا وحكم الذكاة لا يلحق الجزء المنفصل ، وإن كان مما يلي الرأس يؤكل الكل لوجود قطع الأوداج فكان الفعل حال وجوده ذكاة حقيقة فيحل به الكل وإن ضرب رأس صيد فأبانه نصفين طولا أو عرضا يؤكل كله في قول أبي حنيفة ومحمد وهو قول أبي يوسف الأول ، ثم رجع وقال : لا يؤكل النصف البائن ويؤكل ما بقي من الصيد والأصل فيه ما ذكرنا أن الأوداج متصلة بالدماغ فتصير مقطوعة بقطع الرأس وكان أبو يوسف على هذا ثم ظن أنها لا تكون إلا فيما يلي البدن من الرأس وإن كان المبان أكثر من النصف فكذلك يؤكل الكل لأنه إذا قطع العروق فلم يكن ذلك ذبحا بل كان جرحا وأنه لا يبيح المبان لما ذكرنا .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية