الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                والثاني أن يكون الثمن حالا فإن كان مؤجلا لا يثبت حق الحبس ; لأن ولاية الحبس تثبت حقا للبائع لطلبه المساواة عادة لما بينا ، ولما باع بثمن مؤجل فقد أسقط حق نفسه فبطلت الولاية ولو كان الثمن مؤجلا في العقد فلم يقبض المشتري المبيع حتى حل الأجل فله أن يقبضه قبل نقد الثمن ، وليس للبائع حق الحبس ; لأنه أسقط حق نفسه بالتأجيل ، والساقط متلاش فلا يحتمل العود ، وكذلك لو طرأ الأجل على العقد بأن أخر الثمن بعد العقد فلم يقبض البائع حتى حل الأجل له أن يقبضه قبل نقد الثمن ، ولا يملك البائع حبسه لما قلنا ، ولو باع بثمن مؤجل فلم يقبض المشتري حتى حل الأجل هل له أجل آخر في المستقبل ؟ ينظر إن ذكرا أجلا مطلقا بأن ذكرا سنة مطلقة غير معينة فله أجل آخر هو سنة أخرى من حين يقبض المبيع عند أبي حنيفة ، وعند أبي يوسف ، ومحمد الثمن حال ، وليس له أجل آخر ، وإن ذكرا أجلا بعينه بأن باعه إلى رمضان فلم يقبضه المشتري حتى مضى رمضان صار الثمن حالا بالإجماع

                                                                                                                                ( وجه ) قولهما أن السنة المطلقة تنصرف إلى سنة تعقب العقد بلا فصل فإذا مضت انتهى الأجل كما لو عين الأجل نصا ، ولأبي حنيفة رحمه الله : أن الأصل في الثمن شرع نظرا للمشتري لينتفع بالمبيع في الحال مع تأخير المطالبة بالثمن ، ولن يحصل هذا الغرض له إلا وأن يكون اعتبار الأجل من ، وقت قبض المبيع فكان هذا تأجيلا من هذا الوقت دلالة بخلاف ما إذا عين الأجل ; لأنه نص على تعينه فوجب اعتبار المنصوص عليه إذ لا دلالة مع النص بخلافها ، ولو كان في البيع خيار الشرط لهما ، أو لأحدهما ، والأجل مطلق فابتداء الأجل من حين وجوب العقد [ ص: 250 ] وهو وقت سقوط الخيار لا من حين وجوده ; لأن تأجيل الثمن هو تأخيره عن وقت وجوبه ، ووقت وجوبه هو وقت وجوب العقد وانبرامه لا قبله إذ لا وجوب للثمن قبله ، والله - عز وجل - أعلم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية