الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( وأما ) بيع المشتري العقار قبل القبض فجائز عنه عند أبي حنيفة ، وأبي يوسف استحسانا ، وعند محمد ، وزفر ، والشافعي رحمهم الله لا يجوز قياسا ، واحتجوا بعموم النهي الذي روينا ; ولأن القدرة على القبض عند العقد شرط صحة العقد لما ذكرنا ، ولا قدرة إلا بتسليم الثمن ، وفيه غرر ، ولهما عمومات البياعات من الكتاب العزيز من غير تخصيص ، ولا يجوز تخصيص عموم الكتاب بخبر الواحد عندنا ، أو نحمله على المنقول توفيقا بين الدلائل صيانة لها عن التناقض ; ولأن الأصل في ركن البيع إذا صدر من الأهل في المحل هو الصحة ، والامتناع لعارض الغرر ، وهو غرر انفساخ العقد بهلاك المعقود عليه .

                                                                                                                                ولا يتوهم هلاك العقار فلا يتقرر الغرر فبقي بيعه على حكم الأصل ، وكما لا يجوز بيع المشتري المنقول قبل القبض لا يجوز بيع الأجرة المنقولة قبل القبض إذا كانت عينا ، وبدل الصلح المنقول إذا كان عينا ، والأصل أن كل عوض ملك بعقد ينفسخ فيه العقد بهلاكه قبل القبض لا يجوز التصرف فيه كالمبيع ، والأجرة ، وبدل الصلح إذا كان منقولا معينا ، وكل عوض ملك بعقد لا ينفسخ العقد فيه بهلاكه قبل القبض يجوز التصرف فيه كالمهر ، وبدل الخلع ، وبدل العتق ، وبدل الصلح عن دم العمد ، وفقه هذا الأصل ما ذكرنا : أن الأصل هو الصحة في التصرف الصادر من الأهل المضاف إلى المحل ، والفساد بعارض غرر الانفساخ ، ولا يتوهم ذلك في هذه التصرفات ; لأنها لا تحتمل الفسخ فكان القول بجواز هذه التصرفات عملا بالأصل ، وأنه واجب .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية